الواقعي الذي له إبرام واستحكام بالشك، لا اليقين التقديري الاعتباري.
وأيضا أن قوله: (أبدا) لتأبيد الحكم المتقدم، أي عدم نقض اليقين بالشك مستمر ومؤبد، فلا بد أولا من جعل الحكم، ثم إفادة تأبيده بلفظ (أبدا) الذي هو قائم مقام الإطلاق، فينحل عرفا هذا الحكم المتقيد بالتأبيد إلى أمرين: أصل الحكم القابل للتأبيد وعدمه، وتأبيده واستمراره، فلو اعتبر اليقين في تمام ظرف الشك، أي من أول وجوده إلى آخره يقدر اليقين وينسب إليه النقض، فلا مصحح للتأبيد، فإن الأمر المستمر الوجود إذا اعتبر من أول وجوده إلى آخره لا يصح اعتبار الاستمرار فيه ثانيا، فإن الشئ المستمر لا يقع فيه استمرار آخر.
هذا إذا اعتبر اليقين في تمام ظرف الشك، وإن اعتبر في أول زمان الشك، وأريد بيان تأبيد حكمه بلفظ (أبدا) فلا مصحح لنسبة النقض إلى ما بعد ظرف التقدير بناء على تحققه.
فتلخص مما ذكرنا: أن الظاهر من تأبيد الحكم، أن اليقين المتعلق بأمر سابق على الشك لا ينقض في ظرف الشك من أول زمانه إلى آخره.
وأيضا قوله في ذيل الصحيحة: (وإنما ينقضه بيقين آخر) ليس حكما مجعولا، ضرورة امتناع جعل إيجاب العمل على طبق اليقين، فإنه بمنزلة جعل الحجية والكاشفية له، فلا محالة تكون هذه الجملة لتعيين الغاية للحكم المتقدم، فتكون تأكيدا لاستمرار الحكم إلى زمان يقين آخر، أو لإفادة استمراره حتى مع وجود الظن إن أريد بالشك ما هو المصطلح، لا عدم العلم، فيفهم من هذه الغاية أن المتكلم اعتبر ثلاثة أمور:
اليقين السابق، والشك المستمر، واليقين المتأخر، فقال: " إن حكم اليقين بالأمر السابق مستمر في زمان الشك، ولا ترفع اليد عنه إلى زمان اليقين بخلافه " فاعتبار اليقين في ظرف الشك مما لا يساعد هذه الاعتبارات.