بحسب تعلقهما بالخارج، وهذا واضح.
وأما الجري العملي على طبق اليقين فهو خارج عن حقيقته، بل يكون من آثاره وأحكامه العقلية أو العقلائية، فلا يكون إبرامه واستحكامه متفرعين على الجري العملي، بل هو تابع لهما، وكذا إبرامه واستحكامه وكونه كالحبل المشدود دون الشك لا ارتباط لها بالمتيقن، بل هي من مقتضيات ذاته، سواء تعلق بأمر مبرم أو غيره، كما أن الشك غير مبرم بأي شئ تعلق.
فتحصل مما ذكرنا: أن الإبرام والاستحكام من مقتضيات ذات اليقين، وأن مقابلهما من مقتضيات ذات الشك في حال ملاحظتهما متعلقين بالخارج ومضافين إلى المتعلق، ولا يكون الإبرام والاستحكام عارضين له من المتيقن، ولا من وجوب الجري العملي على طبقه، كما أن اليمين المؤكدة يتوهم لها إحكام وإبرام باعتبار نفس ذاتها المضافة إلى المتعلق، ففي قوله تعالى: * (ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها) * (1) إنما نسب النقض إليها، لا باعتبار كونها من الكيفيات المسموعة القائمة بنفس المتكلم، ولا باعتبار كون متعلقها أمرا مستمرا مبرما، ولا باعتبار الجري العملي على طبقها، بل باعتبار ذاتها المضافة إلى متعلقاتها، فكأن اليمين بواسطة هذه الإضافة حبل مبرم مشدود أحد جانبيه على عنق الحالف، والآخر على متعلقه، فبهذه الملاحظة نسب إليها النقض، كما أن اليقين إنما نسب إليه النقض بهذه الملاحظة.
فما أفاده الشيخ العلامة: من أن نسبة النقض باعتبار كون متعلقه مبرما (2) - كما أفاده ثاني العلمين المتقدمين من كون النسبة باعتبار الجري العملي (3) - ممنوع، خصوصا ثانيهما.