الأكل.
ألا ترى أن الحيوان القابل للتذكية حين حياته يكون طاهرا بلا إشكال، وتجوز الصلاة معه لو فرض حمله بل لبسه، ولا دليل على عدم حلية أكله من جهة كونه غير مذكى، بل الحرمة لو كانت فهي من جهة كونه مما لا يؤكل ومن الخبائث، مع أن الموت المقرون بالشرائط مسلوب منه.
ومن هنا قد يقوى في النظر أن التذكية ليست سببا للطهارة وحلية الأكل وجواز الصلاة فيه، بل إنما هي دافعة لما هو سبب للنجاسة والحرمة وعدم جواز الصلاة فيه، كما تشهد له الأدلة المتفرقة في أبواب النجاسات (1) وموانع الصلاة (2).
وبالجملة: ليست التذكية سببا للطهارة والحلية وجواز الصلاة، بل عدم التذكية المساوق لكون الحيوان ميتة - أي زهوق الروح بخصوصية مغايرة للخصوصيات المعهودة - سبب لمقابلاتها، فأصالة عدم سبب الطهارة والحلية وجواز الصلاة مما لا أصل لها.
بل لنا أن نقول: إنه على فرض كون تلك الأحكام مجعولة مسببة عن سبب، يمكن إجراء أصالة بقاء جامع السبب المؤثر في الطهارة وحلية الأكل وجواز الصلاة فيه تأمل.
ومنهم: بعض أعاظم العصر رحمه الله (3)، وقد مر في مباحث البراءة كلامه وما يرد عليه (4).
هذا حال الشبهات الحكمية من جهة الشك في القابلية، ولا يهمنا التعرض لسائر الشبهات الحكمية، لوضوح حكمها غالبا.