هذا من غير فرق بين كون الحيوانين أو أحدهما في محل الابتلاء، أو لا كما في الأجزاء التي علم أنها إما مأخوذة من الحيوان المعلوم التذكية في بلاد الاسلام، أو من الحيوان المحكوم بعدمها في بلاد الكفر، فبناء عليه لا تجري أصالة عدم التذكية في الجلود المصنوعة التي نقلت إلينا من بلاد الكفر، وتكون مشتبهة بين الجلود التي نقلت من بلاد المسلمين إليهم وصنعوا بها ما صنعوا وردت بضاعتهم إليهم، وبين غيرها من جلود ذبائح الكفار، لأن الأمر دائر بين أخذها من معلوم التذكية، ومعلوم عدمها، فلا مجرى للأصل بالنسبة إلى الحيوانين، لكونهما معلومين، وإنما الشك في أخذها من أيهما، ولا محرز لأخذها من غير المذكى، وقد عرفت عدم إجراء الأصل بالنسبة إلى الأجزاء بناء على كون التذكية واللا تذكية من صفات الحيوان كما لا يبعد.
نعم: لو بنينا على جريان الأصل بالنسبة إلى كل جزء فلا إشكال فيه من هذه الجهة.
ومنها: ما لو علم أخذ الجزء من أحد الحيوانين الذين علم إجمالا بتذكية أحدهما وعدم تذكية الآخر، وكان الحيوانان في محل الابتلاء، فحينئذ: إن قلنا بجريان الأصل في كلا الطرفين - حيث لم يلزم منه المخالفة العملية - فأصالة عدم التذكية فيهما تحرز حرمة الجزء، ونجاسته وعدم حلية الصلاة فيه. وإن منعنا جريانهما مطلقا، أو قلنا بتعارضهما، فهل يكون حال الجزء كحال ملاقي بعض أطراف العلم الاجمالي، فيجري فيه أصلا الحل والطهارة أو لا فيكون الجزء والمأخوذ منه طرفا للعلم، وأصلهما يكون معارضا للأصل الآخر، فيكون حاله نظير إناءين مشتبهين قسم أحدهما قسمين؟
الظاهر هو الثاني، لأن التذكية وإن كانت واردة على الحيوان، لكن أثرها حلية الحيوان وطهارته بجميع أجزائه في عرض واحد، وكذا الحال في عدم التذكية، فلا يكون الشك في حلية الجزء وطهارته مسببا عن الشك في حلية الكل وطهارته، بل يكون