ثم إن محل الخلاف في اشتراط القبض إنما هو أول مرة، لا استدامة، فلو أقبضها الراهن وارتجعها صح الرهن ولزم بلا خلاف، بل عليه الإجماع في عبائر جماعة، كالغنية (1) وكشف الحق (2) والتذكرة (3) وغيرها من كتب الجماعة. وهو الحجة، مضافا إلى عموم الأدلة، واستصحاب الحالة السابقة من اللزوم والصحة.
(ومن شرطه) أيضا (أن يكون عينا).
فلا يصح رهن المنافع اتفاقا، كما في المسالك (4) وغيره، لكن صريح المختلف (5) وقوع الخلاف فيه، وهو على المختار واضح، لعدم صحة إقباضها إلا باتلافها، وكذا على غيره، لأنها تستوفي شيئا فشيئا، وكل ما حصل منها شئ عدم ما قبله، والمطلوب من الرهن أنه متى تعذر استيفاء الدين استوفى من الرهن.
قيل: وفيه نظر، فإن استيفاء الدين من غير الرهن ليس بشرط، بل منه، أو من بدله ولو ببيعه قبل الاستيفاء، كما لو رهن ما يتسارع إليه الفساد قبله، والمنفعة يمكن فيها جواز ذلك، بأن يؤجر العين ويجعل الأجرة رهنا، وقريب منه القول في القبض، لإمكانه بتسليم العين ليستوفي منها المنفعة ويكون عوضها رهنا. وفيه: أنه خروج عن المتنازع، إذ لا كلام في جواز رهن الأجرة، إنما الكلام في المنفعة نفسها (6).
ولا الدين، بناء على المختار، من اشتراط القبض، لأنه أمر كلي لا وجود له في الخارج يمكن قبضه، وما يقبض بتعيين المديون ليس نفسه وإن وجد في ضمنه.