ما إذا كانت الواسطة خفية، بحيث يعد الأثر أثرا لذي الواسطة في نظر العرف - وإن كان في الواقع أثرا للواسطة - كما في استصحاب عدم الحاجب، فان صحة الغسل ورفع الحدث وان كان في الحقيقة اثرا لوصول الماء إلى البشرة، إلا أنه بعد صب الماء على البدن يعد اثرا لعدم الحاجب عرفا.
وزاد صاحب الكفاية موردا آخر لاعتبار الأصل المثبت، وهو ما إذا كانت الواسطة بنحو لا يمكن التفكيك بينها وبين ذي الواسطة في التعبد عرفا، فتكون بينهما الملازمة في التعبد عرفا، كما أن بينهما الملازمة بحسب الوجود واقعا، أو كانت الواسطة بنحو يصح انتساب أثرا إلى ذي الواسطة، كما يصح انتسابه إلى نفس الواسطة، لوضوح الملازمة بينهما. ومثل له في هامش الرسائل بالعلة والمعلول (تارة) وبالمتضائفين (أخرى) بدعوى أن التفكيك بين العلة والمعلول في التعبد مما لا يمكن عرفا، وكذا التفكيك بين المتضائفين، فإذا دل دليل على التعبد بأبوة زيد لعمرو مثلا، فيدل على التعبد ببنوة عمرو لزيد، فكما يترتب اثر أبوة زيد لعمرو كوجوب الانفاق لعمرو مثلا، كذا يترتب أثر بنوة عمرو لزيد كوجوب إطاعة زيد مثلا، لأنه كما يجب على الأب الانفاق للابن، كذلك يجب على الابن إطاعة الأب. والأول أثر للأبوة، والثاني أثر للبنوة مثلا، أو نقول إن أثر البنوة أثر للأبوة أيضا، لوضوح الملازمة بينهما، فكما يصح انتساب وجوب الإطاعة إلى البنوة، كذا يصح انتسابه إلى الأبوة أيضا.
وكذا الكلام في الاخوة، فإذا دل دليل على التعبد بكون زيد أخا لهند مثلا، فيدل على التعبد بكون هند أختا لزيد، لعدم امكان التفكيك بينهما في التعبد عرفا، أو نقول يصح انتساب الأثر إلى كل منهما لشدة الملازمة بينهما، فكما يصح انتساب حرمة التزويج إلى كون زيد أخا لهند، كذا يصح انتسابها إلى كون هند أختا لزيد. وهكذا سائر المتضائفات.