بالرطوبة إذا كانت ضعيفة غير موجبة للسراية - فلا مجال لاستصحاب الرطوبة، لكونه من الأصل المثبت، فان الأثر الشرعي على هذا المبنى مترتب على السراية، وهو شئ بسيط ولم يكن متيقنا حتى يكون موردا للتعبد الاستصحابي، بل هو من اللوازم العادية لبقاء الرطوبة، فالحكم بالنجاسة لاستصحاب الرطوبة متوقف على القول بالأصل المثبت. والصحيح من الوجهين هو الثاني، لأنه لم يرد بيان من الشارع يستفاد منه موضوع التنجس، فلا محالة يكون بيانه موكولا إلى العرف. ومن الظاهر أن العرف لا يحكم بالقذارة العرفية إلا في مورد السراية. هذا كله في غير الحيوان. وأما في الحيوان كما إذا وقع ذباب على النجاسة الرطبة، فطار ووقع في الثوب أو في إناء ماء مثلا، وشككنا في بقاء رطوبتها حين الملاقاة، ففيه تفصيل: فإنه إن قلنا بأن الحيوان لا ينجس أصلا كما هو أحد القولين: فان كانت الرطوبة باقية حين الملاقاة، صار الثوب أو إناء الماء نجسا لملاقاته هذه الرطوبة لا لأجل ملاقاته للذباب، فإذا شك في وجودها فلا مجال للتمسك باستصحابها، لكونه من أوضح مصاديق الأصل المثبت، حتى على القول بكون الموضوع مركبا من الملاقاة والرطوبة، لعدم احراز ملاقاة النجاسة حينئذ، لاحتمال جفاف الرطوبة، فلا تكون هناك نجاسة حتى تتحقق ملاقاتها. واستصحاب الرطوبة لا يثبت ملاقاة النجاسة إلا على القول بالأصل المثبت.
وبعبارة أخرى بناء على القول بعدم تنجس الحيوان، لا يمكن الحكم بنجاسة الملاقي في مفروض المثال حتى على القول بكون موضوع التنجس هي الملاقاة. ورطوبة أحد المتلاقيين، فان ملاقاة النجس غير محرزة بالوجدان لينضم إليها إحراز الرطوبة بالأصل، فلابد من إثبات الملاقاة بجريان الاستصحاب في الرطوبة. ولا ينبغي الشك في أنه من أوضح مصاديق الأصل المثبت.
وأما إذا قلنا بأن الحيوان ينجس بملاقاة النجاسة ولكنه يطهر بزوال العين