وعلى الوجه الثالث يجب عليه الإتيان به إذا أمر به المأمور الأول لا مطلقا.
هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى: أن الظاهر من الأمر بالأمر بشئ هو القسم الثاني دون القسم الأول والثالث، ضرورة أنه المتفاهم من ذلك عرفا، فلو أمر المولى أحدا بأن يأمر زيدا - مثلا - بفعل كذا الظاهر منه هو هذا القسم دون غيره.
ومن هنا يظهر: أن ما أفاده المحقق صاحب الكفاية (قدس سره) (من أنه لا دلالة بمجرد الأمر بالأمر بشئ على كونه أمرا به، بل لابد للدلالة عليه من قرينة) (1) لا يمكن المساعدة عليه بوجه، لما عرفت من أنه دال على ذلك بمقتضى الفهم العرفي، ولا حاجة في الدلالة عليه من نصب قرينة.
ثم إن الثمرة المترتبة على هذا النزاع هي: شرعية عبادة الصبي بمجرد ما ورد في الروايات من قوله (عليه السلام): " مروهم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين " (2). ونحوه مما ورد في أمر الولي للصبي، فإنه بناء على ما ذكرناه: من أن الأمر بالأمر بشئ ظاهر عرفا في كونه أمرا بذلك الشئ تدل تلك الروايات على شرعية عبادة الصبي، لفرض عدم قصور فيها، لا من حيث الدلالة كما عرفت، ولا من حيث السند، لفرض أن فيها روايات معتبرة.
قد يقال كما قيل: إنه يمكن إثبات شرعية عبادة الصبي بعموم أدلة التشريع كقوله تعالى: " أقيموا الصلاة " (3) وقوله تعالى: " كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم " (4) وما شاكلهما ببيان أن تلك الأدلة بإطلاقها تعم البالغ وغيره فإنها كما تدل على تشريع هذه الأحكام للبالغين كذلك تدل على تشريعها لغيرهم، فلا فرق بينهما من هذه الناحية.
وحديث " رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم " (5) لا يقتضي أزيد من رفع