نعم، إن صيغة الأمر مصداق للبعث والتحريك، لا أنهما معناها، كما أنها مصداق للطلب والتصدي، وكذلك صيغة النهي مصداق للزجر والمنع، وليس الزجر والمنع معناه، وأما الإرادة والكراهة فليستا معنى الأمر والنهي بالضرورة، لاستحالة تعلق الإرادة بمعنى الاختيار، وكذلك ما يقابلها من الكراهة بفعل الغير.
نعم، يتعلق الشوق ومقابله بفعل الغير، ولا يحتمل أن يكونا معنى الأمر والنهي. هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى: أنا قد ذكرنا في محله (1) أنه لا معنى للإرادة أو الكراهة التشريعية في مقابل التكوينية ولا نعقل لها معنى محصلا ما عدا الأمر أو النهي.
فالنتيجة على ضوء هاتين الناحيتين هي: أنه لا معنى لتفسير الأمر بالإرادة والنهي بالكراهة.
وخلاصة الكلام: كما أنه لا أصل لما هو المشهور من تفسير الأمر بطلب الفعل وتفسير النهي بطلب الترك، كذلك لا أصل لما عن جماعة: من تفسير الأول بالبعث والتحريك، والثاني بالزجر والمنع.
وأما الدعوى الثانية: فيقع الكلام فيها مرة في معنى الأمر ومرة أخرى في معنى النهي.
أما الكلام في الأول: فقد تقدم في بحث الأوامر بشكل واضح (2) أنه إذا حللنا الأمر المتعلق بشئ تحليلا موضوعيا فلا نعقل فيه ما عدا شيئين:
أحدهما: اعتبار الشارع ذلك الشئ في ذمة المكلف من جهة اشتماله على مصلحة وملزمة.
وثانيهما: إبراز ذلك الأمر الاعتباري في الخارج بمبرز: كصيغة الأمر أو ما يشبهها، فالصيغة أو ما شاكلها وضعت للدلالة على إبراز ذلك الأمر الاعتباري النفساني، لا للبعث والتحريك، ولا للطلب.