أو ليست بقبلة؟ وهذا المائع الذي توضأ به ماء أوليس بماء؟ ومن المعلوم أن قاعدة الفراغ لا تثبت أن هذه الجهة قبلة وأن ما أتى به وقع إلى القبلة ومطابق للواقع، لما عرفت من اختصاص القاعدة بما إذا لم تكن صورة العمل محفوظة، وأما إذا كانت كذلك وإنما الشك كان في مصادفته للواقع وعدم مصادفته فلا يكون مشمولا لتلك القاعدة.
وبما أن صورة العمل في هذين المثالين محفوظة - كما عرفت - وأن ما أتى به المكلف في الخارج معلوم كما وكيفا ولا يشك فيه أصلا، والشك إنما هو في مصادفته للواقع وعدم مصادفته له، وقاعدة الفراغ لا تثبت المصادفة فعندئذ يقع الكلام في هذين المثالين وما شاكلهما، وأنه هل يجب قضاء تلك الصلوات خارج الوقت أم لا؟ فإذا تظهر الثمرة بين القولين، وذلك لأنه لو قلنا بكون القضاء تابعا للأداء ومطابقا للقاعدة فيجب قضاء تلك الصلوات.
والوجه في ذلك واضح، وهو: أن التكليف المتعلق بها معلوم ولا يشك في ذلك أصلا، والشك إنما هو في سقوطه وفراغ ذمة المكلف عنه، ومعه لا مناص من الالتزام بقاعدة الاشتغال، لحكم العقل بأن الشغل اليقيني يقتضي الفراغ اليقيني.
نعم، المعلوم سقوطه إنما هو التكليف عن المقيد، لاستحالة بقائه بعد خروج الوقت من ناحية استلزامه التكليف بالمحال. وأما سقوط التكليف عن المطلق فغير معلوم، لفرض أن ما أتى به المكلف لا نعلم بصحته ليكون مسقطا له. فإذا يدخل المقام في كبرى موارد الشك في فراغ الذمة بعد العلم باشتغالها بالتكليف. ومن المعلوم أن المرجع في تلك الكبرى هو قاعدة الاشتغال.
وأما إذا قلنا بأن القضاء بأمر جديد - كما هو الصحيح، لما ذكرناه: من أن القرينة على التقييد سواء أكانت متصلة أم كانت منفصلة توجب تقييد الواجب من الأول - فلا يمكن عندئذ التمسك بإطلاقه إلا في صورة واحدة كما تقدمت بشكل واضح، وعلى هذا فلا يجب الإتيان بها في خارج الوقت، وذلك لأن المكلف شاك عندئذ في أصل حدوث التكليف بعد خروج الوقت، لفرض أن التكليف بالموقت