على ذلك كما هو ظاهر، ومن هنا قد ذكرنا: أن نسخ الوجوب لا يدل على بقاء الجواز أو الرجحان.
وقد تحصل من ذلك: أن هذه النظرية إنما تتم فيما إذا كان الدليل على مشروعية هذه العبادات على نحو الإطلاق شئ، والدليل على وجوبها ولزومها شئ آخر ليكون حديث الرفع ناظرا إلى الدليل الثاني ومقيدا لمدلوله دون الدليل الأول، ولكن الأمر هنا ليس كذلك كما هو واضح.
لحد الآن قد تبين: أنه لا يمكن إثبات مشروعية عبادات الصبي بتلك العمومات أصلا.
فالصحيح: أن الدليل على مشروعيتها إنما هو تلك الروايات فحسب، ومع قطع النظر عنها أو مع المناقشة فيها - كما عن بعض - فلا يمكن إثبات مشروعيتها أصلا كما عرفت.
ونتائج هذا البحث عدة نقاط:
الأولى: أن الأمر بالأمر بشئ يتصور بحسب مقام الثبوت على وجوه ثلاثة كما تقدم.
الثانية: أن الظاهر من هذه الوجوه - بحسب مقام الإثبات - الوجه الثاني، وهو ما كان الغرض قائما بالفعل لا بالأمر الصادر من المأمور الأول.
الثالثة: أن الثمرة المترتبة على هذا البحث هي مشروعية عبادات الصبيان على تقدير ظهور تلك الروايات في الوجه الثاني أو الثالث كما عرفت (1).
الرابعة: أن ما توهم من إمكان إثبات شرعية عباداتهم بالعمومات الأولية خاطئ جدا، لما عرفت: من أن تلك العمومات أجنبية عن الدلالة على ذلك بالكلية بعد تقييدها بحديث الرفع بالبالغين.
الخامسة: أن الدليل على شرعية عبادات الصبي إنما هو الروايات المتقدمة، أعني: قوله (عليه السلام): " مروهم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين "، ونحوه.