المحدد له وقتا مساويا لزمان الإتيان بالواجب، بحيث يقع كل جزء منه في جزء من ذلك الزمان بلا زيادة ونقيصة. وأما كون زمان الوجوب أوسع من زمان الواجب أو مساويا له فهو أجنبي عما هو الملاك في كون الواجب مضيقا. ومن هنا لا شبهة في تصوير الواجب المضيق والموسع على القول بالواجب المعلق، مع أن زمان الوجوب فيه أوسع من زمان الواجب، ولن يتوهم أحد ولا يتوهم أنه لا يتصور المضيق على هذه النظرية كما هو واضح.
وثانيا: أن تأخر الانبعاث عن البعث ليس بالزمان ليلزم المحذور المزبور، بل هو بالرتبة كما لا يخفى.
نعم، العلم بالحكم وإن كان غالبا متقدما على حدوثه - أي: حدوث الحكم زمانا - إلا أنه ليس مما لابد منه، بداهة أن توقف الانبعاث عند تحقق موضوع البعث: كالفجر في المثال المزبور - مثلا - على العلم به - أي بالبعث - رتبي، وليس زمانيا كما هو واضح: كتقدم العلم بالموضوع على العلم بالحكم.
ثم إن مقتضى القاعدة هل هو وجوب الإتيان بالموقت في خارج الوقت إذا فات في الوقت اختيارا، أو لعذر، أم لا مع قطع النظر عن الدليل الخاص الدال على ذلك كما في الصلاة والصوم؟ هذه هي المسألة المعروفة بين الأصحاب قديما وحديثا في أن القضاء تابع للأداء أو هو بأمر جديد؟ فيها وجوه، بل أقوال:
الأول: وجوب الإتيان به مطلقا.
الثاني: عدم وجوبه كذلك.
الثالث: التفصيل بين ما إذا كانت القرينة على التقيد متصلة، وما إذا كانت منفصلة.
فعلى الأول: إن كانت القرينة بصورة قضية شرطية فتدل على عدم وجوب إتيانه في خارج الوقت، بناء على ما هو المشهور من دلالة القضية الشرطية على المفهوم.
وأما إذا كانت بصورة قضية وصفية فدلالتها على ذلك تبتنى على دلالة القضية الوصفية على المفهوم، وعدم دلالتها عليه.