ما ذكره المشهور: من أن دلالة النهي على التقييد متفرعة على دلالته على الحرمة فتنتفي بانتفائها.
والوجه في ذلك: هو أن ما ذكره شيخنا الأستاذ (قدس سره): من أنه لا تقدم ولا تأخر بين عدم ضد ووجود ضد آخر وأنهما في مرتبة واحدة وإن كان في غاية المتانة والصحة بحسب مقام الواقع والثبوت - وذلك لما ذكرناه غير مرة: من أن تقدم شئ على آخر في الرتبة بعد ما كان مقارنا معه زمانا لا يكون جزافا، وإلا لأمكن تقدم كل شئ على آخر بالرتبة، بل كان بملاك: كتقدم العلة على المعلول رتبة بعد ما كانت مقارنة معه زمانا، فإنه قضية حق عليتها عليه، وتقدم الشرط على المشروط كذلك فإنه قضاء لحق الشرطية... وهكذا، ولا ملاك لتقدم عدم ضد على وجود ضد آخر رتبة أو بالعكس، كما بينا ذلك في بحث الضد بشكل واضح فلاحظ - (1) ولكنه لا يتم بحسب مقام الإثبات والدلالة.
بيان ذلك: هو أنه لا شبهة في أن الأدلة الدالة على حرمة التصرف في مال الغير: كقوله (عليه السلام): " لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه " (2) ونحوه لا تدل على التقييد المزبور وعدم الوجوب إلا بالدلالة الالتزامية، ضرورة أن مدلولها المطابقي: هو حرمة التصرف في مال الغير بدون رضاه، لا ذلك التقييد وعدم الوجوب، ولكن بما أن الحرمة تنافي الوجوب ولا تجتمع معه فلا محالة ما دل على الحرمة بالمطابقة يدل على عدم الوجوب بالالتزام.
نظير: ما إذا أخبر أحد عن قيام زيد - مثلا - فإن إخباره هذا يدل على قصد الحكاية عن قيامه بالمطابقة، وعلى عدم قعوده بالالتزام، فإن كل دليل يدل على ثبوت شئ لشئ بالمطابقة سواء كان إخبارا أو إن شاء يدل على عدم ثبوت ضده له بالالتزام، فلو دل دليل على حرمة شئ فلا محالة يدل بالالتزام على عدم وجوبه، وهذا من الواضحات الأولوية.