وجوده وكل وجود متشخص بنفس ذاته، وفرد من أفراد إحدى المقولات التسع العرضية.
وعلى الجملة: فالوجود لا يعقل أن يكون متشخصا بوجود آخر من دون فرق فيه بين أن يكون الوجود ان من طبيعة واحدة، أو من طبيعتين كما هو ظاهر. ومن هنا لم يتوهم أحد ولا يتوهم: أن وجود جوهر مشخص لوجود جوهر آخر، أو أن وجود عرض مشخص لوجود عرض آخر.
والسر فيه: ما ذكرناه من أن كل وجود متشخص بذاته وممتاز بنفسه عن غيره. ومن الواضح جدا أن هذا الملاك بعينه موجود بين وجود الجوهر ووجود العرض المتقوم به، فلا يعقل أن يكون وجود العرض القائم به مشخصا له، كما هو واضح.
ومن ذلك يتبين أن إطلاق المشخصات على تلك الأعراض الملازمة له خارجا مسامحة جدا، لما عرفت: من أنها لا تعقل أن تكون مشخصات لوجود الجوهر أصلا، بل هي وجودات ملازمة له في الخارج فلا تنفك عنه.
وبعد بيان ذلك نقول: إن تلك اللوازم والأعراض كما أنها خارجة عن متعلق الأمر على القول بتعلقه بالطبيعة كذلك هي خارجة عن متعلقه على القول بتعلقه بالفرد، ضرورة أن محل الكلام في المسألة إنما هو في تعلق الأمر بالطبيعة، أو بفرد ما من أفراد تلك الطبيعة. وأما الطبائع الأخرى وأفرادها فجميعا خارجة عن متعلق الأمر على كلا القولين، بداهة أنه لم يرد من القول بتعلقه بالفرد تعلقه بفرد ما من هذه الطبيعة وفرد ما من الطبائع الأخرى الملازمة لها في الوجود الخارجي.
ولنأخذ مثالا لذلك كالصلاة مثلا: فإن القائل بتعلق الأوامر بالطبائع يدعي أن الأمر تعلق بطبيعة الصلاة مع عدم ملاحظة أية خصوصية من الخصوصيات، والقائل بتعلقها بالأفراد يدعي أنه تعلق بفرد ما من أفرادها، ولا يدعي أنه تعلق بفرد ما من أفرادها وأفراد الطبائع الأخرى: كالغصب أو نحوه، ضرورة أنه لا معنى لهذه الدعوى أبدا، كيف؟ فإن الأمر على الفرض متعلق بالصلاة على كلا