لأنه على القول بتعلق الأوامر والنواهي بالطبائع دون الأفراد، ففي مورد الاجتماع: كالصلاة في الدار المغصوبة - مثلا - لا يسري الأمر من متعلقه وهو طبيعة الصلاة إلى متعلق النهي وهو الغصب، ولا العكس، لفرض أنهما طبيعتان مستقلتان، غاية الأمر: أن كل واحدة منهما مشخصة للأخرى في مورد الاجتماع، وقد عرفت أن الأمر والنهي لا يسريان على هذا القول إلى مشخصات متعلقهما، فإذا لا مناص من القول بالجواز في تلك المسألة.
وأما على القول بتعلق الأوامر والنواهي بالأفراد دون الطبائع فلا مناص من الالتزام بالقول بالامتناع في تلك المسألة، وذلك لفرض أن الأمر على هذا القول متعلق بالصلاة مع مشخصاتها، والمفروض أن الغصب في مورد الاجتماع مشخص لها. فإذا يكون متعلقا للأمر والحال أنه متعلق للنهي أيضا، فيلزم عندئذ اجتماع الأمر والنهي في شئ واحد وهو محال، ضرورة استحالة كون شئ واحد مأمورا به ومنهيا عنه معا.
وعلى الجملة: فعلى القول الأول بما أن متعلق كل من الأمر والنهي هو الطبيعة دون مشخصاتها فلا محالة لا يلزم في مورد الاجتماع كون شئ واحد مأمورا به ومنهيا عنه، لفرض أن متعلق أحدهما غير متعلق الآخر فلا يتحدان في الخارج، غاية الأمر انهما متلازمان في الوجود الخارجي وان كلا منهما مشخص للآخر.
وعلى القول الثاني: بما أن المشخصات أيضا متعلقة للأمر والنهي فلا مناص من الالتزام بالامتناع في مورد الاجتماع، لفرض أن متعلق كل منهما - عندئذ - مشخص للآخر، وعليه فلا محالة يسري كل منهما من متعلقه إلى متعلق الآخر، فيلزم اجتماعهما في شئ واحد، وهو محال (1).
وقد تحصل مما ذكرناه: أن هذه الفرضية التي فرضها شيخنا الأستاذ (قدس سره) لو تمت لأصبحت المسألة ذات ثمرة مهمة، ولكنها فرضية خاطئة وغير مطابقة للواقع، وذلك لما أشرنا إليه سابقا على نحو الإجمال.