من الالتزام بكون الواجب الواقعي في حق من قامت عنده أمارة معتبرة على وجوب صلاة الجمعة - مثلا - هو الجامع بينهما على نحو التخيير: إما الإتيان بصلاة الظهر في وقتها، أو سلوك الأمارة المذكورة، ومعه كيف يعقل أن يكون الحكم الواقعي مشتركا بين العالم والجاهل؟ فإنه بطبيعة الحال يكون تعيينيا في حق العالم، وتخييريا في حق الجاهل. وهذا خلاف الضرورة والإجماع وإطلاقات الأدلة التي مقتضاها عدم الفرق بينهما بالإضافة إلى الأحكام الواقعية.
فالنتيجة: أن مرد هذه السببية إلى السببية بالمعنى الثاني في انقلاب الواقع وتبدله، فلا فرق بينهما من هذه الناحية.
الثالثة: أن شيخنا الأستاذ (قدس سره) قد ذكر: أن حال هذه السببية حال الطريقية في عدم اقتضائها الإجزاء، فكما أن الإجزاء على ضوء القول بالطريقية يحتاج إلى دليل - وإلا فمقتضى القاعدة عدمه - فكذلك على ضوء القول بهذه السببية (1).
توضيح ما أفاده (قدس سره): هو أن المصلحة القائمة بسلوك الأمارة تختلف باختلاف السلوك، وهو الزمان الذي لم ينكشف الخلاف فيه، فإن كان السلوك بمقدار فضيلة الوقت فكانت مصلحته - بطبيعة الحال - بمقدار يتدارك بها مصلحتها فحسب، لأن فوتها مستند إليه دون الزائد. وأما مصلحة أصل الوقت فهي باقية فلابد من استيفائها بالإعادة، وإن كان بمقدار تمام الوقت وكان انكشاف الخلاف في خارجه فطبعا كانت مصلحته بمقدار يتدارك بها مصلحة تمام وقت الفائتة، وأما مصلحة أصل العمل فهي باقية، فلابد من استيفائها بالقضاء في خارج الوقت.
ولنأخذ لتوضيح ذلك مثالا: وهو ما إذا افترضنا أن الواجب في الواقع هو صلاة الظهر، ولكن الأمارة المعتبرة قامت على وجوب صلاة الجمعة في يومها، والمكلف قد قام بالعمل على طبق هذه الأمارة وأتى بصلاة الجمعة ثم انكشف الخلاف فعندئذ إن كان كشف الخلاف في ابتداء الوقت فالمتدارك هو خصوص