فالجمع بين الأمر بالأداء في الوقت والأمر بالقضاء في خارج الوقت جمع بين المتناقضين، ضرورة أن الأمر بالقضاء تابع لصدق فوت الفريضة، وإلا فلا مقتضى له أصلا. ومن الطبيعي أن صدق فوت الفريضة يستلزم عدم الأمر بالفاقد في الوقت ودخل القيد مطلقا في الملاك حتى حال التعذر. كما أن الأمر بالفاقد في الوقت يستلزم عدم دخل القيد المذكور في الملاك مطلقا، وهو يستلزم عدم وجوب القضاء في خارج الوقت، لفرض عدم صدق فوت الفريضة، إذا لا يمكن الجمع بين الأمر بالفاقد في الوقت وإيجاب القضاء في خارج الوقت.
وعلى ضوء هذا البيان يظهر: أن الإتيان بالمأمور به بالأمر الاضطراري في الوقت مجز عن المأمور به بالأمر الواقعي الأولي في خارج الوقت، ولا يمكن القول بعدم الإجزاء عنه، لما عرفت من أنه لا يمكن الجمع بين الأمر بإتيان الفاقد في الوقت وإيجاب القضاء في خارج الوقت، وأن الجمع بينهما جمع بين المتناقضين، وعليه فلا مناص من القول بالإجزاء هنا (1).
وغير خفي أن ما أفاده (قدس سره) قابل للنقد والمؤاخذة بحسب مقام الثبوت، وإن كان تاما بحسب مقام الإثبات فلنا دعويان:
الأولى: عدم تمامية ما أفاده (قدس سره) بحسب مرحلة الثبوت.
الثانية: تمامية ما أفاده (قدس سره) بحسب مرحلة الإثبات.
أما الدعوى الأولى فلإمكان أن يقول قائل: بأن الصلاة مع الطهارة المائية - مثلا - مشتملة على مصلحتين ملزمتين، أو على مصلحة واحدة ذات مرتبتين:
شديدة وضعيفة، ومع تعذر القيد - وهو الطهارة المائية في المثال - يكون الفاقد - وهو الصلاة مع الطهارة الترابية - مشتملا على إحدى المصلحتين الملزمتين، أو على المصلحة الضعيفة، وحيث إنها ملزمة في نفسها فلذلك توجب الأمر بالفاقد في الوقت لاستيفائها، ولئلا تفوت عن المكلف. هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى: أن المصلحة الثانية أو المرتبة الشديدة حيث إنها كانت أيضا ملزمة وقابلة للاستيفاء والتدارك، والمفروض أنه لا يمكن تداركها في