بها، ولا ثالث في البين. وعليه فإذا افترضنا استحالة التقييد بقيد فلا محالة أحد الأمرين ضروري: إما الإطلاق، أو التقييد بغيره، لاستحالة الإهمال في الواقع.
والى ذلك أشار شيخنا العلامة الأنصاري (قدس سره) بقوله: من أنه إذا استحال التقييد وجب الإطلاق (1).
نعم، الإهمال في مقام الإثبات والدلالة أمر معقول، وذلك لأن المولى إذا كان في مقام البيان: فإن نصب قرينة على التقييد دل كلامه على ذلك، وإن لم ينصب قرينة على ذلك دل على الإطلاق. وأما إذا لم يكن في مقام البيان وكان في مقام الإهمال والإجمال: إما لأجل مصلحة فيه، أو لوجود مانع لم يدل كلامه لا على الإطلاق ولا على التقييد، وأصبح مهملا فلا يمكن التمسك به.
ولعل من هذا القبيل قوله تعالى: * (وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة) * (2)، فإن الآية الكريمة تشير إلى وجوب القصر عند تحقق الضرب في الأرض، ولكنها أهملت التعرض لمقدار الضرب وتحديده بحدوده الخاصة، فتكون مهملة من هذه الناحية فلا يمكن التمسك بإطلاقها.
وأمثلة ذلك كثيرة في الآيات والروايات، إلا أن الإطلاق والتقييد في مقام الإثبات خارج عن محل البحث هنا، حيث إنه في الإطلاق والتقييد في مرحلة الثبوت والواقع كما عرفت (3).
وقد تحصل من ذلك عدة نقاط:
الأولى: أن التقابل بين الإطلاق والتقييد تقابل الضدين، لا العدم والملكة كما