وأراد، ولكنه لا يستطيع حفظ جميع الكتب بشتى أنواعها وفنونها، بل لا يستطيع حفظ مجلدات البحار - مثلا - أجمع، وهذا لا يستلزم خروجه عن القابلية بتاتا، وأنه لا يستطيع حفظ صفحة واحدة أيضا، ببيان: أن استحالة أحد المتقابلين بتقابل العدم والملكة تستلزم استحالة الآخر، بداهة أن استطاعته لحفظ صفحة واحدة ضرورية.
وأما حلا فلأن قابلية المحل المعتبرة في التقابل المذكور لا يلزم أن تكون شخصية في جزئيات مواردها، بل يجوز أن تكون صنفية أو نوعية أو جنسية.
ومن هنا ذكر الفلاسفة: أن القابلية المعتبرة بين الأعدام والملكات ليست القابلية الشخصية بخصوصها في كل مورد، بل الأعم منها ومن القابلية الصنفية والنوعية والجنسية حسب اختلاف الموارد والمقامات، فلا يعتبر في صدق العدم المقابل للملكة على مورد أن يكون ذلك المورد بخصوصه قابلا للاتصاف بالوجود، أي: الملكة، بل كما يكفي ذلك يكفي في صدقه عليه أن يكون صنف هذا الفرد أو نوعه أو جنسه قابلا للاتصاف بالوجود وإن لم يكن شخص هذا الفرد قابلا للاتصاف به (1).
ويتضح ذلك ببيان الأمثلة المتقدمة، فإن الانسان قابل للاتصاف بالعلم والمعرفة، ولكن قد يستحيل اتصافه به في خصوص مورد لأجل خصوصية فيه، وذلك كالعلم بذات الواجب تعالى حيث يستحيل اتصاف الإنسان به، مع أن صدق العدم - وهو الجهل - عليه ضروري، ومن الطبيعي أن هذا ليس إلا من ناحية أن القابلية المعتبرة في الأعدام والملكات ليست خصوص القابلية الشخصية.
وكذلك الحال في المثال الثاني، فإن اتصاف الإنسان بالعجز عن الطيران إلى السماء بلحاظ قابليته في نفسه للاتصاف بالقدرة، لا بلحاظ إمكان اتصافه بها في خصوص هذا المورد، وقد عرفت أنه يكفي في صدق العدم القابلية النوعية (2)،