ولا تقاس هذه المسألة بالمسألة الأولى، حيث قلنا (1) في تلك المسألة بعدم إمكان تعلق التكليف بالجامع بين فعل المكلف نفسه وبين فعل غيره.
والوجه في ذلك: هو أن اعتبار ذلك الجامع في ذمة المكلف لا يرجع بالتحليل العلمي إلى معنى محصل، بداهة أنه لا معنى لاعتبار فعل غير المكلف في ذمته.
وهذا بخلاف مسألتنا هذه، فإن اعتبار فعل المكلف على ذمته الجامع بين المقدورة وغيرها بمكان من الإمكان بلا لزوم أي محذور كما عرفت (2). هذا بحسب مقام الثبوت.
وأما بحسب مقام الإثبات فإن كان هناك إطلاق كشف ذلك عن الإطلاق في مقام الثبوت، يعني: أن الواجب هو الجامع دون خصوص حصة خاصة، فعندئذ إن كان المولى في مقام البيان ولم يقم قرينة على التقييد تعين التمسك بالإطلاق لإثبات صحة الفعل لو جئ به في ضمن حصة غير مقدورة.
فالنتيجة: أنه لا مانع من التمسك بالإطلاق في هذه المسألة إن كان، ومقتضاه سقوط الواجب عن المكلف إذا تحقق في الخارج ولو بلا إرادة واختيار.
وهذا بخلاف المسألة الأولى، حيث إن الإطلاق فيها غير ممكن في مقام الثبوت فلا إطلاق في مقام الإثبات ليتمسك به. ومن ثمة قلنا بالاشتغال هناك وعدم السقوط. هذا بناء على نظريتنا: من أن التقابل بين الإطلاق والتقييد من تقابل التضاد، فاستحالة التقييد تستلزم ضرورة الإطلاق لا استحالته، كما سيأتي بيانه في ضمن البحوث الآتية (3) إن شاء الله تعالى.
وأما بناء على نظرية شيخنا الأستاذ (قدس سره): من أن التقابل بينهما من تقابل العدم والملكة فإذا أمكن أحدهما أمكن الآخر، وإذا استحال استحال (4) فلا يعقل