تقدم أن مقتضى الإطلاق عدم الاشتراط إن كان، وإلا فالمرجع هو الأصل العملي (1)، وهو في المقام أصالة البراءة، وذلك لأن المسألة على هذا الضوء تكون من صغريات كبرى مسألة الأقل والأكثر الارتباطيين، وقد اخترنا في تلك المسألة القول بجريان البراءة فيها عقلا وشرعا (2).
هذا بناء على نظريتنا من عدم جريان الاستصحاب في الشبهات الحكمية، وإلا فلا مانع من الرجوع إليه، ويأتي بيانه (3) في مورده إن شاء الله تعالى.
وأما الكلام في القسم الثاني: فلا ينبغي الشك في سقوط الواجب به إذا كان توصليا، لأن المفروض أنه فرد حقيقي للواجب، غاية الأمر أن وجوده في الخارج ملازم لوجود الحرام. ومن الطبيعي أن هذا لا يمنع من انطباق الواجب عليه.
وأما إذا كان تعبديا فالظاهر أن الأمر أيضا كذلك. والسبب في هذا: هو أن المعتبر في صحة العبادة الإتيان بها بكافة أجزائها وشرائطها مع قصد القربة، ولا دليل على اعتبار شئ زائد على ذلك، ومن المعلوم أن مجرد مقارنتها خارجا وملازمتها كذلك لوجود الحرام لا يمنع عن صحتها وقصد القربة بها، فإن المانع منه ما إذا كانت العبادة محرمة، لا في مثل المقام.
ومن هنا قلنا بصحة العبادة في مورد الاجتماع بناء على القول بالجواز (4)، حيث إن ما ينطبق عليه الواجب غير ما هو الحرام، فلا يتحدان خارجا كي يكون مانعا عن الانطباق وقصد التقرب، بل يمكن الحكم بالصحة فيه حتى على القول باعتبار الحسن الفاعلي، وذلك لأن صدور العبادة بما هي عبادة حسن منه، وإنما القبيح صدور الحرام. ومن الواضح أن قبح هذا لا يرتبط بحسن ذاك، فهما فعلان