ربما قيل بالوجه الأول، بدعوى: أن الفعل عند الإطلاق ينصرف إلى حصة خاصة وهي الحصة المقدورة، فالسقوط بغيرها يحتاج إلى دليل، وإلا فالإطلاق يقتضي عدمه.
ولكن هذه الدعوى خاطئة ولا واقع موضوعي لها. والسبب في ذلك: أن منشأ هذا الانصراف لا يخلو من أن يكون مواد الأفعال، أو هيئاتها.
أما المواد فقد ذكرنا في بحث المشتق بشكل موسع: أنها موضوعة للطبيعة المهملة العارية عن كافة الخصوصيات، وهي مشتركة بين الحصص الاختيارية وغيرها، مثلا: مادة " ضرب " وهي " ض ر ب " موضوعة لطبيعي الحدث الصادق على ما يصدر بالاختيار وبغيره من دون عناية...، وهكذا (1).
نعم، وضع بعض المواد لخصوص الحصة الاختيارية، وذلك كالتعظيم والتجليل، والسخرية، والهتك، وما شاكل ذلك.
وأما الهيئات فأيضا كذلك، يعني: أنها موضوعة لمعنى جامع بين المواد بشتى أشكالها وأنواعها، أي: سواء كانت تلك المواد من قبيل الصفات - كمادة علم، وكرم، وأبيض وأسود، وأحمر، وما شاكل ذلك - أو من قبيل الأفعال. وهي قد تكون اختيارية كما في مثل قولنا: " ضرب زيد "، و " قام عمرو " وما شاكلهما.
وقد تكون غير اختيارية كما في مثل قولنا: " تحقق موت زيد "، و " أسرع النبض "، و " جرى الدم في العروق "، ونحو ذلك.
فالنتيجة: أنه لا أساس لأخذ الاختيار في الأفعال، لا مادة ولا هيئة.
ولكن شيخنا الأستاذ (قدس سره) قد ادعى في المقام: أن صيغة الأمر أو ما شاكلها ظاهرة في الاختيار، لا من ناحية دعوى الانصراف فإنها ممنوعة، بل لخصوصية فيها. واستدل على ذلك بوجهين:
الأول: أن الغرض من الأمر الصادر عن المولى إلى العبد هو بعثه وإيجاد