الواجب بما إذا صدر بغير إرادة واختيار. فالسقوط يحتاج إلى دليل. هذا إذا كان هنا إطلاق، وإلا فالأصل العملي أيضا يقتضي ذلك.
ولنأخذ بالمناقشة في هذين الوجهين:
أما الوجه الأول فهو مورد للمؤاخذة من جهتين:
الأولى: أن اعتبار القدرة في متعلق التكليف إنما هو بحكم العقل، لا بمقتضى الخطاب كما فصلنا الحديث من هذه الناحية في بحث الضد (1)، فلا نعيد.
الثانية: أن اعتبار القدرة فيه سواء كان بحكم العقل أو بمقتضى الخطاب ليس إلا من ناحية أن التكليف بغير المقدور لغو. ومن الطبيعي أن ذلك لا يقتضي إلا استحالة تعلق التكليف بغير المقدور خاصة. وأما تعلقه بخصوص الحصة المقدورة فحسب فلا، ضرورة أن غاية ما يقتضي ذلك كون متعلقه مقدورا، ومن المعلوم أن الجامع بين المقدور وغيره مقدور فلا مانع من تعلقه به.
ولا فرق في ذلك بين أن يكون اعتبار القدرة بحكم العقل أو بمقتضى الخطاب. أما على الأول فواضح. وأما على الثاني فأيضا كذلك، ضرورة أن الطلب المتعلق بشئ لا يقتضي أزيد من كون ذلك الشئ مقدورا.
وبكلمة أخرى: أن المصلحة في الواقع لا تخلو من أن تقوم بخصوص الحصة المقدورة، أو تقوم بالجامع بينها وبين غير المقدورة. فعلى الأول لا معنى لاعتبار الجامع. وعلى الثاني لا مناص من اعتباره، ولا يكون لغوا بعد إمكان تحقق تلك الحصة في الخارج.
فالنتيجة: أن استحالة تعلق الطلب بالجامع واعتباره إنما تقوم على أساس أحد أمرين:
الأول: أن لا يكون للجامع ملاك يدعو المولى إلى اعتباره.
الثاني: أن تكون الحصة غير المقدورة مستحيلة الوقوع في الخارج. وأما في غير هذين الموردين فلا مانع من اعتباره على ذمة المكلف أصلا.