مسألة دوران الأمر بين الإطلاق والاشتراط. هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى: قد ذكرنا في محله: أن فعلية التكليف إنما هي بفعلية شرائطه، فما لم يحرز المكلف فعلية تلك الشرائط لم يحرز كون التكليف فعليا عليه (1).
فالنتيجة على ضوء هاتين الناحيتين: هي أن الشك في إطلاق التكليف واشتراطه قد يكون مع عدم إحراز فعلية التكليف، وذلك كما إذا لم يكن ما يحتمل شرطيته متحققا من الأول، ففي مثل ذلك بطبيعة الحال يرجع الشك فيه إلى الشك في أصل توجه التكليف، كما إذا احتمل اختصاص وجوب إزالة النجاسة عن المسجد - مثلا - بالرجل دون المرأة أو بالحر دون العبد، فلا محالة يتردد العبد ويشك في أصل توجه التكليف إليه، وكذلك المرأة، وهو مورد لأصالة البراءة.
وقد يكون مع إحراز فعلية التكليف، وذلك كما إذا كان ما يحتمل شرطيته متحققا من الابتداء ثم ارتفع وزال ولأجله شك المكلف في بقاء التكليف الفعلي وارتفاعه. ومن الواضح أنه مورد لقاعدة الاشتغال دون البراءة. ولا يختص هذا بمورد دون مورد آخر، بل يعم كافة الموارد التي شك فيها ببقاء التكليف بعد اليقين بثبوته واشتغال ذمة المكلف به.
ومقامنا من هذا القبيل، فإن الولي - مثلا - يعلم باشتغال ذمته بتكليف الميت ابتداء، ولكنه شاك في سقوطه عن ذمته بفعل غيره، وقد عرفت أن المرجع في ذلك هو الاشتغال وعدم السقوط (2).
وبكلمة أخرى: أن التكليف إذا توجه إلى شخص وصار فعليا في حقه فسقوطه عنه يحتاج إلى العلم بما يكون مسقطا له، فكلما شك في كون شئ مسقطا له سواء كان ذلك فعل الغير أو شيئا آخر فمقتضى القاعدة عدم السقوط وبقاؤه في ذمته.