مثلا: المستفاد عرفا من مثل قوله (عليه السلام): " يعيد الصلاة " أو " يتوضأ " أو " يغتسل للجمعة والجنابة " أو ما شاكل ذلك على الأول ليس إلا الطلب والوجوب.
كما أن المستفاد منها على الثاني ليس إلا ثبوت النسبة في الواقع أو نفيها، فإذا كيف يمكن القول بأنها تستعمل في كلا المقامين في معنى واحد؟ هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى: أن هذه الجمل على ضوء هذه النظرية لا تدل على الوجوب أصلا فضلا عن كون دلالتها عليه آكد من دلالة الصيغة.
والسبب في ذلك: هو أنها حيث لم تستعمل في معناها الحقيقي بداعي الحكاية عن ثبوت النسبة في الواقع أو نفيها فقد أصبحت جميع الدواعي محتملة في نفسها، فكما يحتمل استعمالها في الوجوب والحتم والطلب والبعث فكذلك يحتمل استعمالها في التهديد أو السخرية أو ما شاكل ذلك. ومن الطبيعي أن إرادة كل ذلك تفتقر إلى قرينة معينة، ومع انتفائها يتعين التوقف والحكم بإجمالها.
ومن هنا أنكر جماعة منهم: صاحب المستند (1) (قدس سره) في عدة مواضع من كلامه دلالة الجملة الخبرية على الوجوب.
وقد تحصل من ذلك: أن نظرية المشهور تشترك مع نظريتنا في نقطة وتفترق في نقطة أخرى.
أما نقطة الاشتراك: فهي أن هذه الجمل على أساس كلتا النظريتين تستعمل في مقام الإنشاء في معنى هو غير المعنى الذي تستعمل فيه في مقام الإخبار، فلا فرق بينهما من هذه الناحية أصلا.
وأما نقطة الافتراق: فهي أن تلك الجمل تدل على الوجوب بحكم العقل على أساس نظريتنا، ولا تدل عليه على أساس نظرية المشهور.