وأما ما أفاده (قدس سره) من النكتة فهو إنما يتم على أساس أن تكون الجملة مستعملة في معناها، لكن بداعي الطلب والبعث، لا بداعي الإخبار والحكاية، وحيث قد عرفت أنها لم تستعمل فيه، بل استعملت في معنى آخر - وهو الوجوب أو البعث والطلب - فلا موضوع لها عندئذ أصلا (1).
هذا، مضافا إلى أنه لا يتم على ضوء الأساس المذكور أيضا، وذلك لأن النكتة المذكورة لو كانت مقتضية لحمل الجمل الخبرية على إرادة الوجوب وتعيينه لكانت مقتضية لحمل الجمل الخبرية الاسمية كزيد قائم، والجمل الماضوية في غير الجمل الشرطية على الوجوب أيضا إذا كانتا مستعملتين في مقام الإنشاء، مع أن استعمالهما في ذلك المقام لعله من الأغلاط الفاحشة، ولذا لم نجد أحدا ادعى ذلك، لا في اللغة العربية ولا في غيرها.
وبكلمة أخرى: أن المصحح لاستعمال الجمل الخبرية الفعلية في معناها بداعي الطلب والبعث إن كان تلك النكتة فالمفروض أنها مشتركة بين كافة الجمل الخبرية من الاسمية والفعلية، فلا خصوصية من هذه الناحية للجمل الفعلية، فإذا ما هو النكتة لعدم جواز استعمالها في مقام الإنشاء دونها؟ وإن كان من جهة أن هذا الاستعمال استعمالا في معناها الموضوع له والمستعمل فيه، غاية الأمر الداعي له قد يكون الإعلام والإخبار، وقد يكون الطلب والبعث فلا تحتاج صحة مثل هذا الاستعمال إلى مصحح خارجي، فإن كانت النكتة هذا لجرى ذلك في بقية الجملات الخبرية أيضا حرفا بحرف، مع أنك قد عرفت عدم صحة استعمالها في مقام الطلب والإنشاء.
ومن ذلك يعلم: أن المصحح للاستعمال المزبور خصوصية أخرى غير تلك النكتة، وهي موجودة في خصوص الجمل الفعلية من المضارع والماضي إذا وقع جزءا في الجملة الشرطية، ولم تكن موجودة في غيرها، ولذا صح استعمالها في