النقطة بشكل موسع في الأفعال الاختيارية والمعاليل الطبيعية معا، وقد أثبتنا أن سر حاجة الممكن وفقره الذاتي إلى العلة إنما هو إمكانه، لا حدوثه (1).
الرابعة عشرة: أن الصحيح المطابق للوجدان والواقع الموضوعي: هو نظرية الأمر بين الأمرين في أفعال العباد، التي قد اختارت الطائفة الإمامية تلك النظرية بعد رفضها نظريتي الأشاعرة والمعتزلة فيها. وقد دلت على صحة تلك النظرية الروايات الكثيرة التي تبلغ حد التواتر من ناحية، وعلى بطلان نظريتي الأشاعرة والمعتزلة من ناحية أخرى، هذا مضافا إلى البراهين العقلية التي تقدمت (2).
الخامسة عشرة: أن لأفعال العباد نسبتين حقيقيتين: إحداهما إلى فاعلها بالمباشرة. وثانيتهما إلى الله تعالى، باعتبار أنه سبحانه معطي مقدماتها ومبادئها آنا بعد آن بحيث لو انقطع الإعطاء في آن انتفت المقدمات.
السادسة عشرة: يمتاز ارتباط المعلول بالعلة الطبيعية عن ارتباط الفعل بالفاعل المختار في نقطة، ويشترك معه في نقطة أخرى.
أما نقطة الامتياز: فهي أن المعلول في العلل الطبيعية يرتبط بذات العلة، والمعلول في الفواعل الإرادية يرتبط بمشيئة الفاعل وإعمال قدرته.
وأما نقطة الاشتراك: فهي أن المعلول كما لا واقع موضوعي له ما وراء ارتباطه بذات العلة ويستحيل تخلفه عنها كذلك الفعل لا واقع له ما وراء ارتباطه بمشيئة الفاعل واختياره، ويستحيل تخلفه عنها.
السابعة عشرة: أن الآيات الكريمة كقوله تعالى: * (وما تشاؤون إلا أن يشاء الله) * (3) وما شاكله تدلنا على نظرية الأمر بين الأمرين، وتصدق تلك النظرية، ولا تدل على نظرية الجبر، ولا على التفويض.
الثامنة عشرة: أن ما أورده الفخر الرازي من الشبهة على خلقه تعالى العالم بالترتيب الموجود والشكل الحالي وعدم خلقه بترتيب آخر وشكل ثان قد تقدم