2 - إطلاق يد المماليك في شؤون الدولة:
بعد عصر هارون فقدت الخلافة السيطرة المركزية على أطراف البلاد الواسعة القريبة، والبعيدة، وأخذت ترتفع أصوات المعارضة هنا وهناك، ولم يعد. بإمكان الخليفة أن يحكم القبضة على شؤون البلاد المختلفة، ولكي لا يفقد جهاز الخلافة السيطرة على مساحة ونفوذ وسلطان الخلافة حاول الخلفاء حاول الخلفاء أن يسدوا هذه الثغرة التي انفتحت على أمن الخلافة بالاستعانة بالمرتزقة من الموالي والمماليك الذين كانوا يعدون يومذاك مواطنين من الدرجة الثانية في المجتمع الاسلامي، فلجأ قصر الخلافة العباسية إلى الاحتماء بهؤلاء المماليك والموالي واستقدموا أعدادا كبيرة منهم إلى مركز الخلافة، وأولوهم مراكز السلطة والسيادة في الجيش والشرطة، وأطلقوا أيديهم في أمور الجيش والشرطة والأمن، ثم في سائر شؤون الدولة.
وكثر عددهم حتى ضاق بهم الناس في بغداد أيام المعتصم العباسي، وضاق الناس بهم ذرعا، وكثر شكوى الناس عنهم، فلم يجد الخليفة بدا من أن ينقل مركز حكمه وسلطانه من بغداد إلى سامراء واستشرى أمر هؤلاء المماليك، وزاد نفوذهم وبأسهم في مركز الحكم والقوة في الدولة العباسية، وزاد في نفس الوقت أذاهم للناس وشكوى الناس منهم..
ورغم ذلك لم يتمكن الخليفة أن يصنع أكثر مما صنع من نقل مركز الخلافة من بغداد إلى سامراء، ولم يستطع أن يحدد من نفوذ هؤلاء المماليك، ولا أن يمنع أذاهم عن الناس. وهل كان الخليفة العباسي يعجز حقيقة عن تحديد نفوذ هؤلاء المماليك الذي أمكنهم الخليفة من مركز حكمه وسلطانه بيده أم أنه كان بحاجة إليهم في توفير الحماية والأمن للقصر فلم يشأ أن يسلب عنهم ما أولاهم من النفوذ والسلطان؟
قد يكون هذا أو ذاك، وقد يكون هذا وذاك، ولكن الحقيقة الثابتة تأريخيا أن الخليفة العباسي لم يسلب من هؤلاء المماليك شيئا مما أولاهم من النفوذ والسلطان بعد أن ضاق الناس بهم ذرعا وكثر شكوى الناس منهم، وفي القصة