قال: ففعل، فرفع يحيى رأسه إلى ابنه فقال المتوكل: يا يحيى لا ترده. قال لا يا أمير المؤمنين، ثم شربه. وقال: قد جلت نعمتك عندنا يا أمير المؤمنين، فهنأك، الله النعمة ولا سلبنا ما أنعم به علينا منك. فقال: يا يحيى إنما أردت أن يخدمك وزير بين يدي خليفة في طهور ولي عهد!
وقال إبراهيم بن العباس: سألت أبا حرملة المزين في هذا اليوم فقلت: كم حصل لك إلى أن وضع الطعام؟ فقال: نيف وثمانون ألف دينار، سوى الصياغات والخواتيم والجواهر والعدات قال: وأقام المتوكل ببركوارا ثلاثة أيام، ثم أصعد إلى قصره الجعفري وتقدم بإحضار إبراهيم بن العباس وأمره أن يعمل له عملا (1) بما أنفق في هذا الأعذار ويعرضه عليه، ففعل ذلك فاشتمل العمل على ستة وثمانين ألف ألف درهم، وكان الناس يستكثرون ما أنفقه الحسن بن سهل في عرس ابنته بوران حتى أرخ ذلك في الكتب وسميت دعوة الاسلام، ثم أتى من دعوة المتوكل ما أنسى ذلك.
وكانت الدعوات المشهورة في الاسلام ثلاثا لم يكن مثلها، فمنها: دعوة المعتز - هذه المذكورة - ومنها: عرس زبيدة بنت جعفر بن أبي جعفر، فإن المهدي زوج ابنه الرشيد بأم جعفر ابنة أخيه فاستعد لها ما لم يستعد لامرأة قبلها من الآلة وصناديق الجوهر والحلي والتيجان والأكاليل وقباب الفضة والذهب والطيب والكسوة، وأعطاها بدنة (2) عبدة (3) ابنة عبد الله بن يزيد بن معاوية امرأة هشام، ولم ير في الاسلام مثلها ومثل الحب الذي كان فيها، وكان في ظهرها وصدرها خطان ياقوت أحمر وباقيها من الدر الكبار الذي ليس مثله. ودخل بها الرشيد في المحرم سنة خمس وستين ومائة في قصره