دلالة الكلام على مراده واقعا، كما أن مرجع أصالة السند أو الجهة إلى إلغاء احتمال عدم صدوره أو عدم كونه لسان المراد الجدي الواقعي قبال احتمال التقية والتورية، ومن المعلوم ان كل واحد من تلك الأصول الثلاثة لا يكاد يجري بدون جريان الآخر، لان شرط جريان كل واحد انتهائه إلى العمل وبدون جريان البقية يستحيل انتهاء الجاري من بقية الأصول إلى العمل. وعليه فقد يتوهم كون التعبد بكل واحد شرطا للتعبد بالآخر، فكيف ذلك مع كونه شبهة دور؟
وحل الشبهة بأن يقال: إن الانتهاء إلى العمل بعد ما كان منوطا بسد باب الاحتمالات الثلاثة فمجموع الاحتمالات المفسدة بمنزلة أجزاء مركب في عدم اطلاق كل واحد لحال انفراده عن غيره في مقام معروضية الحكم الضمني الطاري عليه من قبل الأمر بكله، كما أنه لا يكون [كل] واحد من الاجزاء مقيدا بوجود غيره وإلا يلزم تقدم بعض الاجزاء على بعض آخر، مع أن اجزاء كل مركب في رتبة واحدة بالنسبة إلى مركبه، كيف ووجود المركب في الخارج عين أجزائه، فكيف يمكن اختلاف الاجزاء المتحدة في عالم الوجود مع المركب بعضها مع بعض في عالم الرتبة؟ وتلك الجهة برهان قطعي على عدم صحة الالتزام بتقييد بعض أجزاء المركب ببعض آخر، فلا محيص حينئذ إلا من الالتزام بأن مجرد ما هو جزء معروض الحكم الضمني - الذي هو عين حكم المركب - هو الحصة من وجود كل واحد ملازم مع وجود غيره، بلا اطلاق فيها لحال الانفراد ولا [تقيد] لها بحال الاجتماع.
ومن هذا البيان اتضح حال المقام أيضا حيث إن سد باب كل احتمال بعد ما لا يترتب العمل إلا بسد مجموعها، فلا محيص حينئذ إلا من دعوى عدم اطلاق يشمل حال عدم سد غيره، ولا يتقيد أيضا بسد غيره. وبهذه العناية أمكن دعوى عدم أخذ السد من كل [جهة] موضوع السد من الجهة الأخرى،