نعم لو تم ما أفيد من كون الترجيح في ظرف الفراغ عن الصدور أمكن إتمام مدعاه من تقديم المرجح الصدوري على المرجح الجهتي، لأنه مع المرجح المزبور لا يبقى مجال لموضوع الجهتي.
ولا يرد على هذا المسلك من أنه كيف يعقل التعبد بالصدور المنتهي بالأخرة إلى الحمل على التقية التي لم يترتب على مؤداه عمل أصلا؟
إذ يمكن الجواب عنه بأن في التعبد بالصدور لا يحتاج إلى العمل المترتب على مؤداه الصادر، بل يكفي مجرد العمل المترتب على نفس صدوره من رفع اليد عن جهة والأخذ بالجهة الأخرى.
ولئن شئت قلت: إن ترجيح أحد الخبرين جهة في [ظرف] صدورهما نحو عمل مترتب على صدورهما، ولا يحتاج التعبد به إلى عمل مرتب على مضمون الصادر، والاشكال المزبور مبني على الآخر لا الأول، ولكن ذلك مبني على مقدمة باطلة من جعل التعبد بالصدور مأخوذا في موضوع الترجيح بجهة الصدور، وعمدة الكلام في ذلك، إذ لا دليل يساعد على هذا المعنى بل قد تقدم ان الاحتمالات الثلاث المسدودة كلها بحسب الأصل الأولي وأدلة المرجحات في عرض واحد، غاية الأمر في خصوص موارد الجمع الدلالي لما يبقى مقدار من الدلالة القابلة لترتب العمل عليه كان مجال إعمال التعبد من الجهات الثلاث بالنسبة إلى هذا المقدار، بخلاف التصرف في الجهة من الحمل على التقية أو [غيرها]، فإنه لما لا يبقى مقدار من المضمون القابل لإعمال [التعبد] بالنسبة إليه لا مجال للاخذ بواحد منها فلا بد حينئذ من طرح لجميعها.
نعم لو فرض في مورد من موارد التصرف في الجهة أيضا عمل على بعض مضمونه لا بأس بإعمال التعبد من سائر الجهات بالنسبة إليه أيضا، وفي مثله لو فرض دوران الأمر بين التصرف في الجهة [أو] الدلالة لا وجه لتقديم أحدهما