وجوب ما اختاره بلا احتياج في وجه المنع إلى التشكيك في الموضوع بجعله [التحير]، كي يستشكل فيه بأن [التحير] لولا التنجز بعد باق و [التحير] العقلي [مرتفع] بالتخيير، فيستحيل أن يكون موضوعا، مع أن أخذ [التحير] في موضوع التخيير لا دليل عليه، وإنما هو حكمة جعل الموضوع عنوان تعارض الخبرين كما هو ظاهر (1).
نعم لو كانت القضية بالنسبة إلى وجوب التخيير مهملة محتملة لأن يكون الطلب متعلقا بالطبيعة السارية كان لاستصحاب التخيير مجال، بل لا يبقى مجال استصحاب بقاء وجوب العمل بما اختار، لحكومة الأول على الثاني. ومنه يظهر أنه لو كانت القضية ظاهرة في الطبيعة السارية كان المرجع في الآن الثاني هو الإطلاق بلا احتياج إلى الاستصحاب، ولكن الانصاف أن احتمال الاهمال في مثل تلك القضية في غاية البعد، فالأمر يدور بين الأول والآخر، وحينئذ نقول: إن الأمر بالاختيار إن كان أمرا شرعيا كان المتعين هو الأول، لأنه مقتضى طبع الاطلاق في كلية الأوامر، ولكنه ليس الأمر كذلك بل هو ارشادي إلى حكم العقل به الذي هو ملزوم الأمر بالتعبد بكل منهما مشروطا بأخذه، ففي الحقيقة ما هو أمر شرعي هو ملزوم أمر شرعي تلك القضية من القضية التعليقية (2).