سلطنته من الأول، لا لعموم " لا ضرر "، كما توهم.
نعم لو تمكن مالك الجدار [من] حفظ جداره بإبقاء استحكامه بتعمير وغيره أمكن أن يقال إن سلطنته على حفظ جداره لا [تقتضي] منع غيره عن التصرف في داره، لأن السلطنة على الجامع لا تقتضي منع الخصوصية، كما أن تلف الجدار إذا كان مستندا إلى مجموع فعله وترك تعمير غيره لا يكاد ينسب الإتلاف والإضرار إليه مستقلا كي يمنع مثل هذا العنوان عن التصرف في ملكه.
ولا يقاس المقام بباب العرض حيث [يحرم] هتكه ولو مع التمكن [من] حفظ نفسه، إذ المدار فيه على صدق الهتك ولو ضمنا، بخلاف باب إتلاف المال فإنه لا بأس به ما لم يصدق عليه الإضرار والإتلاف مستقلا، لانصراف أدلته إليه، خصوصا مع عدم قصور سلطنة المالك إلا عما ينطبق عليه إتلاف مال الغير مستقلا. وإنما يتم ما ذكرنا في فرض انحصار سبب التلف في فعله بلا تمكن لمالك الجدار [من] حفظ جداره إلا بمنع الحافر عن حفر بئره.
وعلى أي حال لا يبقى مجال للتشبث بعموم " لا ضرر " في المورد مستقلا وتحكيمه على عموم سلطنة الانسان على تصرفه في ملكه وماله، [إذ] المورد بين أن يكون لمالك الدار السلطنة على حفر البئر مع قطع النظر عن هذا العموم وبين أن يكون له السلطنة الممنوع صدق الإتلاف والإضرار [عليها]. وعلى فرضه لا مجال لحكومته على مثل هذا الحكم الارفاقي كما لا يخفى.
ومن التأمل في ما ذكرنا ظهر حكم فرع آخر من فرض إضرار حفر البالوعة في الدار ببئر جاره، فإنه أيضا: تارة يضر بعين مائه بتنقيصه، وأخرى بمنفعة الماء بتعفينه السالب لمنفعته، وثالثة بتغيير لونه السالب لوصفه الدخيل في ماليته، ورابعة بإحداث نحو تنفر للطباع فيه [السالب] لصرف ماليته بلا نقص في العين ولا المنفعة ولا وصفه.