وعليه فلا وجه لبطلان العمل مع فرض مطابقة المأتي به للواقع متقربا إلى الله تعالى، كما أن في صورة المخالفة لا وجه [للاجتزاء] به إلا في صورة قيام الدليل على وفائه بمقدار من المصلحة على وجه يوجب تفويت الزائد بمناط المضادة مع البقية لا العلية.
ولعل من هذا الباب مسألة [الاجتزاء] بالإتمام في موضع القصر، والإخفات أو الجهر في موضع الآخر. بل وظاهر إطلاق الرواية شموله لصورة الجهل [بالتقصير]. ولذا لا بأس بالالتزام باستحقاق العقوبة على تفويت الزائد بفعله هذا مستندا إلى تقصيره.
نعم هنا إشكال آخر وهو: أن ظاهر الرواية تقرير العامل في عمله المتعارف كونه عن داعي الأمر الفعلي بالمأتي به. والحال أن قضية مضادته مع المأمور به واقعا - ولو بلحاظ تضاد المصلحتين - [توجب] سلب الأمر عن الضد في ظرف الأمر بنفس الواقع.
ويمكن الذب عنه بأن الإشكال إنما يرد لو كان المأتي به في أصل مصلحته مضادا مع مصلحة الواقع، وإلا فلو قيل بأن التضاد بين حديهما القائمين بالخصوصيات المفردة للطبيعة فلا بأس حينئذ بالالتزام بتعدد المطلوب على وجه يكون الجامع بينهما مطلوبا والخصوصية الحدية بينهما في غاية التضاد على وجه لا يبقى مجال لتحصيل الآخر مع حصول أحد الحدين.
وعليه فلا بأس بإتيان المأتي به بداعي الأمر بالجامع بينهما أيضا بلا احتياج في تصحيح الأمر به إلى قاعدة الترتب، وان كان مقتضى التحقيق صحتها أيضا خصوصا مع الغفلة من الواقع بترك فحصه، فإنه أمكن الالتزام بفعلية الأمر المطلق بالنسبة إلى المأتي به بلا فعلية حين الغفلة بالنسبة إلى الواقع وأن استحقاقه العقوبة بتفويته إنما هو من جهة تقصيره السابق كمن ألقى نفسه عن الشاهق، كما هو ظاهر.