وعليه فنقول - في الشبهة المزبورة على العلية -: بأن التكليف كما أشرت تارة من تبعات نفس البراءة عن التكليف، وأخرى من تبعات عدمه واقعا.
[ف] من الأول: باب وجوب الحج المرتب على البراءة عن الدين. ومن الثاني:
ما لو نذر إعطاء فقير في ظرف عدم تكليف كذا في ساعة كذا.
أما في الصورة الأولى فيمكن أن يقال: إن العلم الاجمالي الحاصل في البين يستحيل أن يكون منجزا لواحد من الطرفين لأن شأن منجزية العلم كونه محدثا [لوجوب] الحركة عقلا على وفق المحتملين. ومن البديهي أن مثل هذا المعنى يستحيل تحققه في المقام، لأن منجزيته للدين على وجه يستتبع حكم العقل على وفقه مستلزم للقطع بعدم وجوب الحج واقعا، ولازمه ارتفاع العلم الاجمالي رأسا. كما أن لازم منجزيته للحج عدم منجزيته للدين، فيلزم عدم منجزيته للحج أيضا، لأن شأن العلم الاجمالي كونه على وجه منجز لكل واحد من المحتملين.
ولئن شئت قلت: بأن منجزية العلم المزبور لكل واحد من المحتملين مستلزم لعدمها، وما هذا شأنه فهو محال. وحينئذ فلا بأس في مثل هذا الفرض من المصير إلى البراءة العقلية فضلا عن النقلية.
وأما في الصورة الثانية فمثل هذا المحذور وإن لم يرد، لأن منجزية العلم للتكليف في أحد الطرفين غير [منافية] لبقاء العلم الاجمالي بالنسبة إلى الطرف الآخر، ولا [منافية] أيضا لتأثيره في تنجزه أيضا.
إلا أنه يمكن أن يقال: إن قضية مانعية العلم عن جريان الأصل النافي في أحد الطرفين، منعه عن اقتضاء بعض لوازمه من الترخيص على خلاف الواقع المانع عن تنجزه. وهذا المقدار لا ينافي منع شمول دليل التنزيل لنفي التكليف بلحاظ خصوص أمره الوجودي من إثبات وجوب الطرف، فكان المقام من تلك