أيضا سابقا على العلم الآخر، فلا يبقى للعلم باللازم - ولو سابقا واقعا - مجال التأثير بقول مطلق، فيكون الأصل المسببي أيضا جاريا مطلقا بلا معارض.
وأظن أن هذا التوجيه في ممشاه من الأخذ بالأصل المسببي بقول مطلق أولى من حمل كلامه هذا على اختيار اقتضاء العلم للموافقة القطعية لا عليته، بحيث كان قابلا لمنع المانع، كي ينافي ذلك لاطلاق كلامه في قيام المسبب مقام السبب في فرض تلف السبب، فإنه كما يأتي شرحه - إن شاء الله - لا يناسب الاقتضاء المزبور، بل مع العلية أنسب، كما سيجئ بيانه في الخاتمة.
هذا مضافا إلى أنه يخالف صريح كلامه في الشبهة الوجوبية بعلية العلم الاجمالي كالعلم التفصيلي في الموافقة القطعية أيضا، كما أن التوجيه السابق أيضا لا يقتضي إلا تقدم العلم اللاحق في عالم اللحاظ لا في الواقع، ومن البديهي أن التنجز من تبعات وجود العلم في مرتبة وجوده واقعا لا في عالم لحاظه الموجب لسبقه بالعناية لا حقيقة.
مضافا إلى أن طريقية العلم لا [تقتضي] مرآتيته بحيث لا يلتفت إلى نحو وجوده في [رتبته حقيقة]. كيف! وفي البراهين الإنية ترى العلم بالمعلول متأخرا عن العلم بالعلة، وهكذا في سائر الموارد، وحينئذ لا يبقى مجال توجيه صحيح للمشي الذي اختاره (رحمه الله) في المقام من مرجعية الأصل المسببي بقول مطلق، كما لا يخفى. هذا كله في فرض طولية المعلومين بذاتهما.
وأما لو كانا عرضيين - كما بينا وجهه في الأمثلة السابقة - فنقول: إنه قد يتوهم أن نفس العلم الاجمالي بأثر الملزوم كاف في تنجز لازمه.
وفيه: أن العلم بالملزوم غير مرتبط بالعلم باللازم، إذ هما تكليفان غير مرتبط أحدهما بالآخر، غاية الأمر عرضيان. ومجرد عرضيتهما في الوجود لا يقتضي وحدة العلم بهما كي يكفي في تنجيز اللازم مجرد العلم بالملزوم.
وتوهم أن فرض انبساط النجاسة أو الملكية من طرف الملزوم إلى اللازم يقتضي