إتمام الفرد السابق من جهة البراءة عن المشكوك واجبا، وبعد طروه لا يكاد [ينقلب] وجوبه المعلوم أولا [إلى] وجوب آخر، وحينئذ كان وجوب الإتمام منجزا بالعلم السابق، فالعلم الحادث حينئذ متعلق بما تنجز أحد طرفيه سابقا بالعلم التفصيلي بوجوب الأقل. ومثل هذا العلم الاجمالي المتأخر غير صالح حينئذ للمنجزية كما لا يخفى.
ولئن شئت قلت أيضا: إن مرجع وجوب التمام إلى وجوب تدارك الفائت في ضمن بقية الأجزاء.
وهذا الوجوب من الأول تحت البراءة والرخصة العقلية في تفويته، فلا يكاد [يلزم] العقل [ثانيا] بإيجاده. ولازمه كون العلم الاجمالي الحادث قائما بما هو تحت الترخيص من الأول، ومثله غير صالح للتنجيز الموجب [لإلزامه] بإتيانه في ضمن بقية الأجزاء كما لا يخفى.
فإن قلت: إن كون الفائت تحت البراءة ووجوب الإتيان بالبقية - الراجع إلى وجوب الإتمام - إنما هو من جهة انحلال العلم الأول بالعلم التفصيلي والشك البدوي، وهما ما دام وجودهما [مؤثرا] في البراءة ووجوب الاتمام، وهو ليس إلا قبل فوت محل التدارك، وأما بعد فوته فينقلب العلم السابق [إلى] العلم الاجمالي بين المتباينين لا الأقل والأكثر، وحينئذ حدوث هذا العلم الجديد إنما يكون مقارنا لزوال العلم السابق وشكه، فلا يكون العلم الزايل موجبا لتنجز معلومه حتى بعد زواله، فلا جرم قام العلم الاجمالي بالطرفين الصالحين للتنجز به، فلا مانع حينئذ عن تأثيره الموجب لتكرار العمل بالإتمام والإعادة.
قلت: مرجع اقتضاء الشك البدوي [إلى البراءة] عن المشكوك أنه لو خالف لا يعاقب عليه، وهذا المعنى ملازم لاقتضاء الشك البدوي السابق الترخيص على تفويته الملازم للعلم الاجمالي المزبور.