واللمية. وإنما الكلام في أن مجرد طولية المعلوم يكفي في سبق تنجزه ولو كان علمه في طول العلم بمسببه أم لا يكفي هذا المقدار في سبق التنجز بل تنجزه تابع سبق علمه؟ وإلا فمع تأخر علمه يكون تنجزه أيضا متأخرا عن تنجز المعلوم الآخر تبعا لتأخر علمه.
أقول: أمكن أن يقال إن التنجز بعد ما كان معلول علمه، كيف يعقل سبقه عن علمه؟ بل لا بد من تأخره عن علمه، فلو فرض سبق وجوده [على] المعلوم الآخر - مع تأخر علمه عن علمه - موجبا لسبق تنجزه يلزم انفكاك العلم بالمعلول السابق [على] العلم بالعلة عن تنجز متعلقه، لأنه حينئذ قائم بالطرفين المنجز أحدهما سابقا، ومرجعه إلى انفكاك المعلول الذي هو تنجزه عن علمه الذي هو علة التنجز له في الرتبة السابقة، وهو كما ترى. وحينئذ لا محيص من الالتزام بأن تنجز المعلوم تابع سبق علمه لا سبق وجوده واقعا.
وحيث كان كذلك نقول أيضا: إن هذا المقدار لا يوجب إلغاء السببية والمسببية في الأصل الجاري بينهما، وذلك لأن الأصل الجاري في السبب كان حاكما على الجاري في المسبب من دون فرق في ذلك بين طولية علمه أو عرضيته، لأن الأصل في السبب منقح موضوع المسبب، فلا يبقى معه مجال جريان الأصل في المسبب إلا في فرض سقوط الأصل في السبب بالمعارضة مثلا. ولازمه في المقام جريان الأصل في المسبب بلا معارض لسقوط الأصل في السبب بالمعارضة على الفرض.
وبعد ما آل الأمر في المقام إلى ذلك لنا أن نقول: إنه لو بنينا على علية العلم الاجمالي للموافقة القطعية فلا مجال لجريان الأصل في المسبب ولو كان بلا معارض. ومقتضاه حينئذ اختصاص التنجز بالمعلوم بالعلم السابق ولو كان المعلوم في الرتبة اللاحقة، ولا يصلح المعلوم بالعلم اللاحق للتنجز ولو كان المعلوم بذاته في الرتبة السابقة، لقيام علمه [بطرفيه] المنجز أحدهما بعلمه السابق.