نعم لو كان الأمر بعكس هذا الفرض كان التنجز منحصرا بالمعلوم السابق ولا يصلح المعلوم بالعلم اللاحق قابلا للتنجز، لعين ما ذكرناه. وفي مثله كان لجريان الأصل في المسبب مجال.
ومن هذا البيان ظهر حال عرضية العلمين كما فرضناه، فإنه حينئذ يجب الاجتناب عن المعلوم، الملزوم واللازم كليهما، لأنه بعد فرض عرضية العلمين لا يكون كل واحد من العلم بالملزوم وطرفه والعلم بلازمه وطرفه واردين على ما تنجز سابقا، بل كل منهما [وارد] على غير المنجز الصالح كل منهما لتنجيز متعلقه، فيصير المقام قهرا من صغريات " باب العلم الاجمالي بتكليف في طرف وتكليفين في الطرف الآخر "، وفي مثله يكون العلم الاجمالي منجزا لجميع الأطراف لازما كان أو ملزوما. وفي مثل هذا المقام أيضا لا مجال لإجراء الأصل المسببي بلا معارض بعد تعارض الأصل السببي، لما عرفت من منافاته لعلية العلم حتى بالنسبة إلى الموافقة القطعية.
نعم لو بنينا على اقتضاء العلم للتنجز بمقدار الموافقة القطعية كان للأصل المسببي حينئذ مجال، كما هو الشأن في الفرض السابق أيضا، ولكن أنى لنا بإثباته بعد البيانات السابقة، وحينئذ فما عن شيخنا العلامة (1) من جعل المدار على الأصل المسببي بقول مطلق لا يناسب مع علية العلم للتنجز حتى بالنسبة إلى الموافقة القطعية.
اللهم [إلا] أن يجعل مبنى كلامه هذا على اقتضاء العلم اللاحق للتنجز ولو في المعلوم السابق ذاتا ولو بخيال أن العلم الطريقي الملحوظ بالنظر المرآتي عين معلومه، فقهرا سبق معلومه يسري إليه حسب سراية صفات المرئي إلى المرآة، فيصير علمه بهذا النظر أيضا سابقا على المعلوم الآخر، فقهرا يصير أثره في التنجز