العلوم التفصيلية، وعليه فليكن كذلك في العلوم الإجمالية بعد ما عرفت أن حكم العقل بوجوب الامتثال فيهما بمناط واحد، ولازمه: كون حكم العقل في كلا المقامين تنجيزيا. ولا نعني من العلية لحرمة المخالفة القطعية إلا ذلك.
وبعد ما اتضحت هذه الجهة فقد يقال: بأن العلم الاجمالي لا يوجب أزيد من تنجز ما تعلق به بلا سراية التنجز من مورد العلم إلى غيره تبعا لعدم سراية العلم منه إلى خصوصيات الطرف، فلا محيص حينئذ من الالتزام بعدم اقتضاء العلم أزيد من حرمة المخالفة القطعية.
وأما بالنسبة إلى الموافقة القطعية فهو فرع سراية التنجز من الجامع إلى الخصوصية. ومع عدم سرايته إليها تبعا للعلم به لا موجب لوجوب تحصيل اليقين بها. فمن الأول لا يكون للعلم اقتضاء التنجز إلا بالنسبة إلى الجامع الاجمالي غير المستتبع لأزيد من الفرار عن المخالفة القطعية بلا اقتضائه لزوم الموافقة القطعية، ولازمه عدم انتهاء النوبة في طرف الموافقة القطعية إلى مانعية الأصول الشرعية كي تدفع بالمعارضة.
أقول لا شبهة في أن تنجز الأحكام إنما هو من لوازم وجودها خارجا، لا من لوازم صورها الذهنية ولو [بمرآتيتها] للخارج. كيف! وبدون وجود الحكم خارجا لا تنجز في البين، بل هو اعتقاد التنجز بتبع اعتقاد نفس الحكم بحيث لو انكشف الغطاء لا يكون في البين حكم ولا تنجز حكم. وذلك شاهد عدم قيام التنجز [بصورها] المخزونة في الذهن وإن لم يلتفت إلى [ذهنيتها]، وإلا فيستحيل عدمه مع وجود موضوعه.
نعم غاية ما في الباب أن الحكم بأي صورة منه تعلق به الطريق - تفصيليا أم إجماليا - يكفي في كسب الحكم بوجوده الواقعي [تنجزه بطريقه]. وذلك المقدار لا يقتضي تبعية التنجز للعلم في عدم السراية إلى ما هو الموجود من الحكم