ومن هذا البيان أيضا ظهر حال العقلاء في بنائهم على محرزية شئ في مقام أعمالهم، فإنه لو كان هذه الأعمال مترتبة على نفس هذه العناية يلزم أيضا أحد المحذورين: إما إلغاء لحاظ الأعمال عن الشرطية فيلزم النقض المزبور، أو أخذه شرطا في ترتب الأعمال على جعل محرزية شئ لهم، فيلزمهم أخذ اللحاظ المتأخر رتبة في ملحوظه سابقا، وهو كما ترى.
وحينئذ لا محيص لهم أيضا إلا من الالتزام بأن مناط أعمالهم شئ آخر وأن هذه الجهة [دعتهم إلى] جعل المحرزية، لا أن الجعل المزبور بنفسه دعاهم إلى الأعمال، كما لا يخفى.
وبالجملة نقول: إن لازم منجزية صرف جعل المحرزية - كما توهم (1) - أحد المحذورين:
إما الالتزام بترتبها على مجرد الجعل ولو بأي لحاظ، فيلزم النقض المزبور.
أو الالتزام بشرطية لحاظ الشئ للشئ، فيلزم حينئذ تقديم ما هو متأخر رتبة على ملحوظه، وهو أفحش فسادا عن النقض.
ثم إنه بعد ما عرفت ذلك نقول:
إن الأثر الذي يكون لحاظه شرطا في صحة الجعل لا بد وأن يكون أمر رفعه ووضعه بيده، وعليه أيضا أسسوا أساس عدم حجية الأصول المثبتة.
وحينئذ نقول:
إن مجرد أعمال أنفسهم في معاملاتهم يكفي في تصحيح جعلهم، لكونها مثبتة منهم. وأما أعمال عبيدهم [فلا] يجدي في صحة جعل الإحراز للعبيد، لعدم كون أمر رفعها ووضعها بيد المولى، بل لا بد وأن يكون المصحح للجعل في هذا المقام أمره بالمعاملة، إذ هو المتمشي من قبل المولى بالإضافة إلى العبيد.