على مخالفته في مواردها، لعدم بيان وعلم بالواقع ولو جعليا، فيبقى الواقع فيها حينئذ تحت قبح العقاب بلا بيان. وحينئذ لا محيص - على فرض العقوبة - من الالتزام بالعقوبة على مخالفة هذه الأصول والقواعد، خالف الواقع أو وافق.
ومرجعه إلى موضوعية الأصول المثبتة في الأحكام، تنزيلية أم غير تنزيلية بلا صلاحيتها لتنجز الواقعيات.
مع أن الطبع السليم يأبى عن هذا المسلك، وبناء الفقهاء أيضا على غير هذا.
كيف! ويجعلون - في اقتضاء الحكم الظاهري للإجزاء وعدمه - الأمارات والأصول في سلك واحد، ويبنون الاجزاء على الموضوعية وعدمه على عدمها من دون نظرهم إلى تفرقة بين الأصول المثبتة والأمارات في ذلك.
وذلك شاهد أن في تنجز الواقعيات لا يكون جهة فرق بين الأمارات والأصول من حيث المنجزية للواقع بنظرهم، فتدبر في كلماتهم.
بل المرتكز في أذهان العقلاء في احتياطاتهم أيضا ليس على موضوعية الاحتياط للعقوبة [في] نفسه بل تمام ارتكازهم على كون الواقع بنظرهم منجزا بمحض أمر مولاهم بأخذهم جانب الاحتياط. وذلك كله شاهد أن المراد بالبيان الرافع لحكم العقل بقبح العقاب ليس منحصرا بالعلم بالواقع فضلا عن أن يكون جعليا، هذا.
مع أنه كيف يمكن الالتزام بأن مجرد العلم الجعلي الناشئ عن تتميم الكشف - بلا نظر إلى جعل بيان - مصحح للعقوبة على الواقع.
إذ من البديهي أن مرجع العلم الجعلي وتتميم الكشف إلى إلغاء احتمال الخلاف من العبد تنزيلا، كما هو الشأن في جعلية جميع الأشياء بالتنزيل من أي مقولة، فلا يكون المنزل بوجوده الاعتباري مع المنزل عليه تحت جامع، لعدم وجود جامع بين المقولات فضلا عن مثل هذه الاعتباريات المحضة الخارجة عن المقولات طرا.