في تقديمه على مفاد الأصول العملية التي كان العلم غاية لها، أو قائما مقامه في موارد كون العلم دخيلا في موضوع الحكم بنحو الشرطية مثلا، وأخرى قيامه مقام اليقين في المرتبة الأولى من حكم العقل بوجوب الاتباع الملازم لتنجز الواقع في مورد مصادفته له.
أما قيامه مقام العلم في المقام الأول فيكفيه مجرد عنايته تتميم كشفه في لسان دليله، إذ حينئذ يصير حاكما على أدلة الأصول والعلوم الموضوعية بتوسعة العناية المزبورة للغاية تارة والشرط أخرى، كما هو ظاهر. وسيأتي - إن شاء الله - وجه استفادة هذه العناية من لسان أدلة الطرق كلية في محله.
وأما في قيامه مقام العلم في المقام الثاني ففي كفاية هذا المقدار من العناية بلا التزام بمعنى آخر في البين مجال منع، خلافا لبعض المعاصرين (1) حيث التزم بكفاية هذا المقدار لتنجز الواقع المستتبع للحكم العقلي المزبور.
وعمدة نظره إلى أن تنجز الواقع تابع وصول الواقع إلى المكلف أعم من الوصول الوجداني والعنائي.
وبعبارة أخرى: إن البيان الرافع لحكم العقل بقبح العقاب بلا بيان منحصر بالعلم بالواقع أعم من العلم الحقيقي أو الجعلي، فلولا تتميم الكشف في البين لما كان لنا بيان رافع لحكم العقل المزبور، إذ لا نعني من البيان إلا رفع الجهل الحاصل بالوجدان تارة وبالجعل وتتميم الكشف أخرى.
وببيان آخر هو: ان غالب الطرق الشرعية إمضائية لطريقة العقلاء، ومرجعه إلى بنائهم على تتميم الكشف ووصولهم إلى الواقع بطرقهم في مقام اعمالهم، فليس عندهم جعل وأمر مخصوص في موارد طرقهم، بل ليس إلا مجرد