وجود الحكم الواقعي لا [تخرج] المورد عن الجهل به، فكيف يصير موجبا لتنجز الواقع المنوط بالبيان الواصل؟
وتوضيح دفعها: بأن مثل هذه الإنشاءات في ظرف وجود الحكم لا قصور في مبرزيتها له كما عرفت، و [لازمه] كون الحكم المزبور في ظرف وجوده مقرونا بالبيان الواصل، فيصير الأمر حينئذ دائرا بين عدم الحكم أو وجوده مقرونا بالبيان.
ومرجعه إلى احتمال وجود حكم مقرون ببيانه، ومثله خارج عن موضوع حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان، إذ موضوعه الجهل بحكم على تقدير وجوده لا يكون مقرونا بالبيان الواصل، فيدخل المقام قهرا تحت قاعدة دفع الضرر المحتمل.
فإن قلت: إن كل مورد احتمل فيه التكليف - فعلى فرض صدق احتماله - يقطع بالتكليف، ولازمه كون وجوده واقعا مقرونا بالبيان، فلا يبقى حينئذ موضوع لقاعدة القبح.
قلت: إن القطع المزبور لما كان وجوده منوطا بأمر مجهول فلا يكاد تصور وجوده فعلا كي يكون طريقا واصلا.
وهذا بخلاف الإنشاءات المزبورة، فإنها في أصل وجودها لا تكون [منوطة] بأمر مجهول، بل في بيانيتها ومبرزيتها للحكم الموجود واقعا أحيانا أيضا لا [تنوط] بشئ، غاية الأمر لو لم يكن في البين حكم فلا يصلح الانشاء للبيانية من جهة قصوره في الحكم، لا قصور في بيانيته في فرض الوجود، بخلاف العلم المزبور، إذ على فرض وجود الحكم في الواقع قاصر عن فعلية الوجود فضلا عن بيانيته، وحينئذ كم فرق بين المقامين؟
وعليه لا نعني من منجزية هذه الأوامر إلا هذا.
ثم إن لنا في دفع الشبهة المزبورة بيانا آخر وهو: إن من المعلوم أن مثل هذه الإنشاءات الطرقية في ظرف الجهل بالواقع يكشف عن اهتمام المولى بحفظ