وحينئذ القائل بكفاية الجعل المزبور في تنجيز الأحكام إن أراد: أن مجرد البناء على محرزية ما لا يكون محرزا وجدانا كاف في المنجزية ولو بلا نظر في هذا البناء والجعل إلى جهة الاستطراق به إلى الواقع، بل يدعي أن صرف هذا البناء ولو بلحاظ أثر آخر محضا واف بجعلية الإحراز، [فتشمله] كبرى ترتب حسن العقاب على البيان ولو جعليا، لفرض صدق المصداق الجعلي على مثله، ففيه: أن لازمه الحكم بتنجز الأحكام حتى في صورة كون النظر في جعل الإحراز إلى غير استطراقه، كتقبيل يده واحترامه فقط. ولا أظن التزامه من أحد.
وإن أراد: أن جعل الإحراز بلحاظ الاستطراق موجب للتنجيز لا مطلق جعله ولولا بهذا اللحاظ فنقول:
إنه إن أراد بذلك شرطية نفس الملحوظ من الاستطراق المزبور وأن لحاظه فيه طريق إلى دخل ملحوظه، ففيه: أن مرجعه إلى دخل ما هو غرض الشئ في موضوعه، وبديهي أنه دور صريح.
وإن أراد: أن اللحاظ المزبور بنفسه شرطه فهو أفحش فسادا من الأول، لبداهة أن لحاظ الشئ لا بد وأن يكون في رتبة لاحقة عن الشئ، كما هو الشأن في جميع العلوم تصوريا أم تصديقيا بالنسبة إلى معلوماتها.
وحينئذ كيف يعقل شرطية هذا اللحاظ لترتب ملحوظه؟ إذ شأن [الشرط] أن يرى سابقا [على] مشروطه، وكيف يعقل ملاحظة ما هو لاحق [لملحوظه] سابقا [عليه] رتبة. ولذا لم يتوهم أحد شرطية العلم بشئ لمعلومه.
وحينئذ لا محيص من إلغاء هذا اللحاظ عن الشرطية ويلتزم بالنقض المزبور.
وعليه، فلا يرفع هذه الغائلة إلا الالتزام بعدم ترتب التنجيز على مجرد جعل المحرزية، بل يحتاج إلى سبب آخر يكون مثل هذا الجعل والعناية المزبورة حاكية عنه، وأنه نحو عناية في بيان المقصود، لا أنه بنفسه مقصود وموضوع أثر.