بقرينة قوله: " لا يترك "، كذلك يتعين حمله على الواجبات بنفس هذه القرينة الظاهرة في الوجوب.
وأما احتمال كونه إخبارا عن طريقة الناس، فمدفوع: بلزوم الكذب أو إخراج أكثر وقائعهم.
وأما احتمال كون لفظ " الكل " للعموم الأفرادي، فلا وجه له، لأن المراد بالموصول هو فعل المكلف، وكله عبارة عن مجموعه.
نعم، لو قام قرينة على إرادة المتعدد من الموصول - بأن أريد أن الأفعال التي لا يدرك كلها، كإكرام زيد وإكرام عمرو وإكرام بكر، لا يترك كلها - كان لما احتمله وجه. لكن لفظ " الكل " حينئذ أيضا مجموعي لا أفرادي، إذ لو حمل على الأفرادي كان المراد: " ما لا يدرك شئ منها لا يترك شئ منها "، ولا معنى له، فما ارتكبه في احتمال العموم الأفرادي مما لا ينبغي له و (1) لم ينفعه في شئ.
فثبت مما ذكرنا: أن مقتضى الإنصاف تمامية الاستدلال بهذه الروايات، ولذا شاع بين العلماء - بل بين جميع الناس - الاستدلال بها في المطالب، حتى أنه يعرفه العوام، بل النسوان والأطفال.
ثم إن الرواية الأولى والثالثة وإن كانتا ظاهرتين في الواجبات، إلا أنه يعلم بجريانهما في المستحبات بتنقيح المناط العرفي. مع كفاية الرواية الثانية في ذلك.