الخطاب المجمل الواصل إلينا لا يكون مجملا للمخاطبين، فتكليف المخاطبين بما هو مبين، وأما نحن معاشر الغائبين فلم يثبت اليقين بل ولا الظن بتكليفنا بذلك الخطاب، فمن كلف به لا إجمال فيه عنده، ومن عرض له الإجمال لا دليل على تكليفه بالواقع المردد، لأن اشتراك غير المخاطبين معهم فيما لم يتمكنوا من العلم به عين الدعوى.
فالتحقيق: أن هنا مسألتين:
إحداهما: أنه (1) إذا خوطب شخص بمجمل هل يجب عليه الاحتياط أو لا؟
الثانية: أنه إذا علم تكليف الحاضرين بأمر معلوم لهم تفصيلا، وفهموه من خطاب هو مجمل بالنسبة إلينا معاشر الغائبين، فهل يجب علينا تحصيل القطع بالاحتياط بإتيان ذلك الأمر أم لا؟ والمحقق (2) حكم بوجوب الاحتياط في الأول دون الثاني.
فظهر من ذلك: أن مسألة إجمال النص إنما يغاير المسألة السابقة - أعني عدم النص - فيما فرض خطاب مجمل متوجه إلى المكلف، إما لكونه حاضرا عند صدور الخطاب، وإما للقول باشتراك الغائبين مع الحاضرين في الخطاب.
أما إذا كان الخطاب للحاضرين وعرض له الإجمال بالنسبة إلى الغائبين، فالمسألة من قبيل عدم النص لا إجمال النص، إلا أنك عرفت أن المختار فيهما وجوب الاحتياط، فافهم.