وقع في المحرمات وهلك من حيث لا يعلم " (1).
ومن هنا ظهر: أنه لا فرق في ذلك بين الاستناد في وجوب الاجتناب إلى حكم العقل وبين الاستناد فيه إلى حكم الشرع بوجوب الاحتياط.
وأما حكمهم بوجوب دفع الضرر المظنون شرعا واستحقاق العقاب على تركه وإن لم يصادف الواقع، فهو خارج عما نحن فيه، لأن الضرر الدنيوي ارتكابه مع العلم حرام شرعا، والمفروض أن الظن في باب الضرر طريق شرعي إليه، فالمقدم مع الظن كالمقدم مع القطع مستحق للعقاب، كما لو ظن سائر المحرمات بالظن المعتبر.
نعم، لو شك في هذا الضرر يرجع إلى أصالة الإباحة وعدم الضرر، لعدم استحالة ترخيص الشارع في الإقدام (2) على الضرر الدنيوي المقطوع إذا كان في الترخيص مصلحة أخروية، فيجوز ترخيصه في الإقدام (3) على المحتمل لمصلحة ولو كانت تسهيل الأمر على المكلف بوكول الإقدام على إرادته. وهذا بخلاف الضرر الأخروي، فإنه على تقدير ثبوته واقعا يقبح من الشارع الترخيص فيه.
نعم، وجوب دفعه عقلي ولو مع الشك، لكن لا يترتب على ترك دفعه إلا نفسه على تقدير ثبوته واقعا، حتى أنه لو قطع به ثم لم يدفعه واتفق عدمه واقعا لم يعاقب عليه إلا من باب التجري، وقد تقدم في المقصد الأول - المتكفل لبيان مسائل حجية القطع - الكلام فيه (4)،