أعلاه، وأشرف ما فيه. قال الربيع بن زياد:
من كان مسرورا بمقتل مالك، * فليأت نسوتنا بوجه نهار النزول: قال الحسن والسدي: تواطأ اثنا عشر رجلا من أحبار يهود خيبر وقرى عرينة، وقال بعضهم لبعض: ادخلوا في دين محمد أول النهار باللسان دون الاعتقاد، واكفروا به آخر النهار. وقولوا: إنا نظرنا في كتبنا، وشاورنا علماءنا، فوجدنا محمدا ليس بذلك، وظهر لنا كذبه، وبطلان دينه. فإذا فعلتم ذلك شك أصحابه في دينه: وقالوا: إنهم أهل الكتاب، وهم أعلم به منا. فيرجعون عن دينهم إلى دينكم. وقال مجاهد ومقاتل الكلبي: كان هذا في شأن القبلة، لما حولت إلى الكعبة، شق ذلك على اليهود، فقال كعب بن الأشرف لأصحابه: آمنوا بالله وبما أنزل على محمد " صلى الله عليه وآله وسلم " من أمر الكعبة، وصلوا إليها أول النهار، وارجعوا إلى قبلتكم آخره، لعلهم يشكون.
المعنى: لما ذكر تعالى صدرا من كياد القوم، عقبه بذكر هذه المكيدة الشديدة فقال: (وقالت طائفة) أي: جماعة (من أهل الكتاب) أي: بعضهم لبعض (آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا) يعنون النبي وأصحابه (وجه النهار واكفروا آخره) واختلف في معناه على أقوال أحدها: أظهروا الإيمان لهم أول النهار، وارجعوا إلى قبلتكم في آخره، فإنه أحرى أن ينقلبوا عن دينهم، عن الحسن وجماعة. وثانيها: آمنوا بصلاتهم إلى الكعبة أول النهار، واكفروا آخره، ليرجعوا بذلك عن دينهم، عن مجاهد. وثالثها: أظهروا الإيمان في صدر النهار بما سلف لكم من الإقرار بصفة محمد " صلى الله عليه وآله وسلم "، ثم ارجعوا في آخره، لتوهموهم أنه كان قد وقع غلط في صفته.
(لعلهم يرجعون) عن دينهم الاسلام، عن ابن عباس وجماعة (ولا تؤمنوا) أي: ولا تصدقوا (إلا لمن تبع دينكم) اليهودية، وقام بشرائعكم، وهو عطف على ما مضى. واختلف في معنى الآية على أقوال أحدها: إن معناه ولا تصدقوا بأن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم من العلم والحكمة، والبيان والحجة، ولا لمن تبع دينكم من أهل الكتاب. وقيل: إنما قال ذلك يهود خيبر، ليهود المدينة، لئلا يعترفوا به، فيلومونهم (1) به، لإقرارهم بصحته. وقيل: معناه لا تعترفوا بالحق إلا لمن تبع