فهذه صفته وحليته، وليس هذا بشرط حتى إنها إذا لم تكن مؤمنة يحل لها الكتمان.
ولكن المراد أن الإيمان يمنع من ارتكاب هذه المعصية، كما يقول الرجل لصاحبه:
إن كنت مؤمنا فلا تظلم. وهذا على وجه الوعيد (وبعولتهن أحق بردهن في ذلك) يعني: إن أزواجهن أولى بمراجعتهن، وهي ردهن إلى الحالة الأولى في ذلك الأجل الذي قدر لهن في مدة العدة، فإنه ما دامت تلك المدة باقية، كان للزوج حق المراجعة، ويفوت بانقضائها. وفي هذا ما يدل على أن الزوج ينفرد بالمراجعة، ولا يحتاج في ذلك إلى رضاء المرأة، ولا إلى عقد جديد، واشهاد. وهذا يختص بالرجعيات، وإن كان أول الآية عاما في جميع المطلقات الرجعية والبائنة.
(إن أرادوا إصلاحا) لا إضرارا، وذلك أن الرجل كان إذا أراد الإضرار بامرأته طلقها (1) واحدة وتركها (2)، حتى إذا قرب انقضاء عدتها، راجعها وتركها مدة ثم طلقها أخرى، وتركها مدة كما فعل في الأولى، ثم راجعها وتركها مدة، ثم طلقها أخرى، فجعل الله الزوج أحق بالمراجعة على وجه الإصلاح، لا على وجه الإضرار. وإنما شرط الإصلاح في إباحة الرجعة لا في ثبوت أحكامها، لإجماع الأمة على أن مع إرادة الإضرار يثبت أحكام الرجعة. وقوله (ولهن) أي للنساء على أزواجهن (مثل الذي عليهن) من الحق (بالمعروف) وهذا من الكلمات العجيبة الجامعة للفوائد الجمة. وإنما أراد بذلك ما يرجع إلى حسن العشرة، وترك المضارة، والتسوية في القسم والنفقة والكسوة، كما أن للزوج حقوقا عليها مثل الطاعة التي أوجبها الله عليها له، وأن لا تدخل فراشه غيره، وأن تحفظ ماءه فلا تحتال في إسقاطه.
وروي أن امرأة معاذ قالت: يا رسول الله! ما حق الزوجة على زوجها؟ قال:
أن لا يضرب وجهها، ولا يقبحها، وأن يطعمها مما يأكل، ويلبسها مما يلبس، ولا يهجرها. وروي عنه " صلى الله عليه وآله وسلم " أنه قال: " اتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ومن حقكم عليهن أن لا يوطئن فراشكم من تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا (3) غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف ". وقوله (وللرجال عليهن درجة) قيل: معناه فضيلة منها